للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تعيش في بيت عائلي مختلط فهل تلبس النقاب سائر اليوم

[السُّؤَالُ]

ـ[" نعيش أنا وزوجي في منزل واحد مع عائلته المكونة من أخ واحد وأمه. ولأنه لا يوجد عندنا خادم، فمن المعتاد أن تقوم المرأة بخدمة بيتها، وما فيه من أعمال شاقة أحياناً، وما يحتاجه ذلك من تخفف المرأة من حجابها، وارتدائها ملابس مهنتها. وتكمن المشكلة هنا في أن باب البيت مفتوح دائما، ولا مانع من أن يدخل أحد أقارب أزواجنا كالعم والخال بدون إذن!! كما أننا إذا قمنا بتنظيف البلكون يرانا الجيران وجميع من في الشارع. فهل يصح لنا ارتداء النقاب عند الخروج فقط؟ أم نرتديه في المنزل من الصباح وحتي المساء علما بأن هذا سيكون شاقا جدا علينا؟ مع العلم بأن لدينا شقتنا الخاصة، لكننا لا ندخلها إلا عند النوم!! وبالمناسبة، هذه ليست حالتي وحدي ولكنها تخص كثيرا من النساء الذين يبغون الحجاب الشرعي"النقاب ماذا نفعل أفيدونا أعزكم الله.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

هذه المشكلة، كما قلت أيتها السائلة، ليست مشكلتك وحدك، وإنما هي مشكلة تتكرر في بعض البلاد التي يسمح الوضع الاجتماعي فيها بتلك المعيشة المختلطة، التي تجمع الإنسان بعد زواجه، بأسرته الأولى في المعيشة، بما يعني أن توجد الزوجة في نفس البيت الذي يوجد فيه أقرباء زوجها، أخوه، أو أبناء إخوته، أو نحو ذلك.

ومع اتفاقنا معك في أن هذا الوضع يسبب الكثير من الحرج والمشكلات، والمحافظة على الحجاب والآداب الشرعية للخلطة فيه، فيها قدر كبير من المشقة والحرج؛ فإننا نقول لك -أيضا - أيتها السائلة الكريمة: إن كثيرا من المسلمات الحريصات على حجابهن، الحافظات لحدود ربهن، أمكنهن التغلب على ذلك الوضع الصعب، والالتزام فيه بحدود الله، رغم المشقة والتعب التي تجدينها، والتي نعرفها نحن أيضا.

وإذا كان هذا الوضع، غير المحبب، من المعيشة المشتركة، لا مفر منه في الوقت الراهن، كما هو الحال في كثير من الأحيان، فنستطيع أن نتعايش معه بالمحافظة على باب البيت مغلقا من الداخل، على من فيه من النساء، بحيث يمكنك ستر نفسك، وأخذ حجابك عند دخول أحد الرجال الأجانب عنك، أو وجوده في المنزل، مع المحافظة على ألا تكوني معه في نفس الغرفة أو المكان المغلق، قدر الإمكان، وإن كنت على حجابك.

ويأتي دور زوجك المهم في هذه المشكلة، بالتنبيه على أخيه، وأقاربه الرجال عموما بالتزام هذا الأدب، باعتباره حدا من حدود الله تعالى، لا يحق لنا تعديه , ولا يجوز لأحد من الناس أن يتلاعب فيه.

وقد جاء التحذير من التساهل في دخول أقرباء الزوج على زوجته، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إِيَّاكُمْ وَالدُّخولَ عَلَى النِّسَاءِ" فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ الله أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ؟ قَالَ: " الْحَمْوُ الْمَوْتُ) رواه البخاري (٥٢٣٢) ومسلم (٢١٧٢) . قال الليث بن سعد: الحمو: أخ الزوج وما أشبهه من أقارب الزوج، ابن العم ونحوه.

ومع إقرارنا بصعوبة ذلك، في بادئ الأمر، لما جبلت عليه نفوس كثير من الناس، من حب المخالفة، والنفار من الالتزام بالحدود والآداب، مع إقرارنا بذلك، فإننا نبشرك أن الأمر لا يلبث أن يصير معتادا مألوفا مع الوقت، لكنه يحتاج إلى جد وصبر في بادئ الأمر، ويعينك على صبرك ذلك، أنت وزوجك، أن تعلمي أن الأجر على قدر المشقة.

ثانيا:

ما ذكرت من وجود شقة خاصة لك، هو مخرج حسن مريح، وحل واضح لتلك المشكلة، فأما زوجك واحد من أمرين:

الأول: أن يقتنع ويرضى بالعيش في هذه الشقة، وبقائك فيها أكثر اليوم، كما هو الوضع الطبيعي للزوجات، ما دام بيت العائلة مفتوحا يدخله الأجانب عنك بين الحين والآخر، وما دام هناك رجال آخرون يعيشون معكم، الأمر الذي يترتب عليه الحرج الذي أشرت إليه في سؤالك، أو التساهل في أمر الحجاب والاختلاط، وما يترتب على ذلك من المعاصي والفتن.

الثاني: إذا لم تسمح له ظروفه، في الوقت الراهن بالانفصال، لسبب أو لآخر، فالواجب عليه أن يساعدك، هو وأهل بيته في المحافظة على حجابك ودينك، كما أشرنا إليه سابقا، وليس بالأمر المتعذر، بل ولا الصعب، وكثير من الناس حافظ عليه، واستقامت لهم حياتهم.

ثالثا:

ستر المرأة وجهها عن الرجال الأجانب، واجب على الصحيح من قولي العلماء، وقد بينا أدلة ذلك في الجواب رقم (١١٧٧٤) ، كما بينا أدلة تحريم الاختلاط في الجواب رقم (١٢٥٢٥)

ويدخل ضمن (الرجال الأجانب) : أخ الزوج، وعمه وخاله، فليس للزوجة أن تكشف وجهها أمامهم.

وبناء على ذلك، يلزمك ستر الوجه وعامة البدن إذا خرجت إلى الشرفات (البلكون) ، وتعرضت لرؤية الرجال الموجودين في الشارع وغيره، وهذا لا مشقة فيه، لعدم تكرره أو دوامه، كما يمكن وضع عازل محيط بالبلكون يمنع رؤية الآخرين لمن يقف فيه.

واعلمي ـ يا أمة الله ـ أن أحكام الشريعة يسر لا عسر، كما قال تعالى: (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) المائدة/آية٦، وأنها جاءت لتحقيق المصالح العظيمة النافعة للرجل والمرأة، والكفيلة بحماية المجتمع من أسباب الفساد والانحراف، لكن العسر يدخل على المكلف من جهة خطئه في التطبيق، أو عدم استفادته من النعم التي مكنه الله منها. ولهذا نعيد التأكيد على أنه ينبغي لك الاستفادة من الشقة الخاصة بك، وتجربة الحياة فيها بعيدا عن الاختلاط، والمزاحمة، وستجدين السعادة والراحة بإذن الله تعالى.

وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى..

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>