هل الكبائر تُبطل الصوم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يقبل الله صيام من لديه شهادات استثمار ويضارب في أسهم البنوك الربوية هو مرابي أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
فإن الله تعالى يقول: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين " البقرة / ٢٧٨
هذا نداء من الله لعباده أن يتركوا الربا ويجتنبوه، لأنه سبحانه حرم الربا: {وأحل الله البيع وحرم الربا} .
وآكل الربا سبب من أسباب هوان المسلمين وذلهم فقد قال عليه الصلاة والسلام: " إذا تبايعتم بالعينة ورضيتم بالزرع وأخذتم أذناب البقر وتركتم الجهاد في سبيل الله سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم " رواه أبو داوود (٣٤٦٢) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (١١) .
وقد تقدم في بعض الأسئلة التفصيل في مسألة المساهمة في البنوك الربوية.
انظر السؤال (٨٥٩٠) و (٤٧١٤) .
وأما صوم من ارتكب كبيرة من الكبائر – كشراء أسهم البنوك الربوية - فإنه مجزئ إلا أنه ناقص، وقد لا يحصل له أجر الصيام.
فتأمل قول الله تعالى: {يأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون} فقد ذكر الله تعالى في هذه الآية الحكمة من فرض الصيام وهي أن يكون وسيلة لتقوى الله عز وجل بفعل الواجبات وترك المحرمات.
وقد قال عليه الصلاة والسلام: (مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ) رواه البخاري (١٩٠٣) ، أي لم يرد الله منا بالصوم أن نترك الطعام والشراب، إنما يريد الله عز وجل أن نتقي الله لقوله تعالى: {لعلكم تتقون} . أنظر الشرح الممتع (٦/٤٣٥) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " قَوْلُهُ: (قَوْل الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ) َالْمُرَاد بِقَوْلِ الزُّورِ: الْكَذِبُ , وَالْعَمَلِ بِهِ أَيْ بِمُقْتَضَاهُ.
َقَالَ اِبْن الْعَرَبِيِّ: مُقْتَضَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ مَنْ فَعَلَ مَا ذُكِرَ لا يُثَابُ عَلَى صِيَامِهِ , وَمَعْنَاهُ أَنَّ ثَوَاب الصِّيَام لا يَقُومُ فِي الْمُوَازَنَةِ بِإِثْم الزُّور وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ.
وَقَالَ الْبَيْضَاوِيّ: لَيْسَ الْمَقْصُود مِنْ شَرْعِيَّةِ الصَّوْمِ نَفْس الْجُوعِ وَالْعَطَشِ , بَلْ مَا يَتْبَعُهُ مِنْ كَسْرِ الشَّهَوَات وَتَطْوِيعِ النَّفْسِ الأَمَّارَةِ لِلنَّفْسِ الْمُطْمَئِنَّةِ , فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ لا يَنْظُرُ اللَّه إِلَيْهِ نَظَر الْقَبُولِ.
وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الأَفْعَالَ تَنْقُصُ الصَّوْم." انتهى من فتح الباري.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب