للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تكره زوجها ويرفض طلاقها فلا تعطيه حقه

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا زوجة متدينة ولكني أكره زوجي لأسباب كثيرة وهو يعلم ذلك ويرفض الطلاق وأنا أمتنع عن العلاقة الزوجية معه أحيانا كثيرة فما حكم الدين في ذلك؟]ـ

[الْجَوَابُ]

أولا:

لا يجوز للمرأة أن تطلب الطلاق من زوجها من غير سبب، فإن وجد سبب كتقصيره في حقها، أو ظلمه لها، فلا حرج عيها في طلب الطلاق.

روى أبو داود (٢٢٢٦) والترمذي (١١٨٧) وابن ماجه (٢٠٥٥) عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّة) صححه الألباني في صحيح أبي داود.

وإذا كان الرجل غير مقصر في حق زوجته ولا ظالم لها غير أنه تكرهه كرهاً شديداً بحيث لا تستطيع الحياة معه ولا تؤدي إليه حقوقه، فعليهما معاً محاولة الإصلاح، فإن لم تثمر تلك المحاولات ووصلت الحياة بينهما إلى طريق مسدود فقد جعل الله لها مخرجا، وهو الخلع، فترد إليه جميع المهر الذي أعطاها، ويؤمر الرجل حينئذ بقبوله ومفارقتها.

روى البخاري (٥٢٧٣) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ، مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلَا دِينٍ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟ قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً) .

وعند ابن ماجه (٢٠٥٦) (لا أطيقه بغضاً) صححه الألباني في صحيح ابن ماجة.

فالذي حملها على طلب الفراق، هو بغضها له.

وقولها: (أكره الكفر في الإسلام) تعني: كفر العشير، بمعنى أنها تقصر في حقه ولا تقوم بما أوجب الله عليها من طاعة زوجها وحسن عشرته.

ثانيا:

نذكرك بأنه إذا لم يكن لك مبرر ظاهر في طلب الطلاق، بأن الامتناع عن الفراش منكر عظيم، جاء فيه قوله صلى الله عليه وسلم: (إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ) رواه البخاري (٣٢٣٧) ومسلم (١٧٣٦) .

ونشير عليك أن تختاري من أهل الصلاح من أهلك أو أهله من ينصح زوجك ويدعوه لمفارقتك بالمعروف.

ثالثا:

والنصيحة للزوج أن لا يمسك الزوجة وهي متضررة من البقاء معه، فإن كان راغبا في بقائها، ويرفض طلاقها، فعليه أن يحسن عشرتها، وأن يزيل الأسباب التي تدعو للنفرة، فإن لم يمكن ذلك، فعليه أن يطلق أو يخالع، ولا يلجئ الزوجة لاقتراف الإثم بنشوزها وعصيانها.

وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء: امرأة كرهت زوجها، لا تعيب فيه خلقا ولا دينا، ودفعت له كامل ما أخذته من صداق، فهل يجبر هذا الزوج على طلاق زوجته وإن كان متمسكا بها وهي كارهة جدا له؟

فأجابت: "إذا كرهت المرأة زوجها وخافت ألا تقيم حدود الله، شرع حينئذ الخلع، بأن ترد عليه ما أعطاها من الصداق ثم يفارقها؛ لحديث امرأة ثابت بن قيس. . . وإذا حصل نزاع بينهما فإن مرد ذلك إلى الحاكم الشرعي ليفصل بينهما" انتهى.

"فتاوى اللجنة الدائمة" (١٩/٤١١) .

نسأل الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>