ـ[أريد أحيانأً أن أقوم بعمل صالح مثل الصلاة أو قراءة القرآن فيدخل عليّ أحد الأشخاص فأتوقف عن القراءة في المصحف أو لا أبدأ في الصلاة أو أقصر فيها إذا كنت بدأت بها، فهل هذا الفعل صحيح؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قال ابن مفلح:
(لا ينبغي ترك العمل المشروع خوف الرياء) .
مما يقع للإنسان أنه أراد فعل طاعة يقوم عنده شيء يحمله على تركها خوف وقوعها على وجه الرياء، والذي ينبغي عدم الالتفات إلى ذلك، وللإنسان أن يفعل ما أمره الله عز وجل به ورغبه فيه، ويستعين بالله تعالى، ويتوكل عليه في وقوع الفعل منه على الوجه الشرعي.
وقد قال الشيخ محيي الدين النووي رحمه الله: لا ينبغي أن يترك الذكر باللسان مع القلب خوفا من أن يظن به الرياء بل يذكر بهما جميعا، ويقصد به وجه الله عز وجل، وذكر قول الفضيل بن عياض رحمه الله: إن ترك العمل لأجل الناس رياء، والعمل لأجل الناس شرك قال: فلو فتح الإنسان عليه باب ملاحظة الناس والاحتراز من تطرق ظنونهم الباطلة لانسد عليه أكثر أبواب الخير. انتهى كلامه. قال أبو الفرج بن الجوزي: فأما ترك الطاعات خوفا من الرياء فإن كان الباعث له على الطاعة غير الدين فهذا ينبغي أن يترك؛ لأنه معصية، وإن كان الباعث على ذلك الدين وكان ذلك لأجل الله عز وجل مخلصا فلا ينبغي أن يترك العمل؛ لأن الباعث الدين، وكذلك إذا ترك العمل خوفا من أن يقال: مراء، فلا ينبغي ذلك لأنه من مكايد الشيطان.
قال إبراهيم النخعي: إذا أتاك الشيطان وأنت في صلاة، فقال: إنك مراء فزدها طولا، وأما ما روي عن بعض السلف أنه ترك العبادة خوفا من الرياء، فيحمل هذا على أنهم أحسوا من نفوسهم بنوع تزين فقطعوا، وهو كما قال، ومن هذا قول الأعمش كنت عند إبراهيم النخعي، وهو يقرأ في المصحف فاستأذن رجل فغطى المصحف، وقال: لا يظن أني أقرأ فيه كل ساعة، وإذا كان لا يترك العبادة خوف وقوعها على وجه الرياء فأولى أن لا يترك خوف عجب يطرأ بعدها.
وقد تقدم شيء في العجب قبل فصول الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويأتي قبل فصول اللباس في الدخول على السلطان يأمره وينهاه قول داود الطائي أخاف عليه السوط، قال: إنه يقوى قال: أخاف عليه السيف قال: إنه يقوى قال: أخاف عليه الداء الدفين: العجب.