من أحكام السقط
[السُّؤَالُ]
ـ[تُوفيت ابنتِي داخلَ الرحمِ بعد حملِها مدةَ سبعةِ شهور، هل كان يجبُ أن نعقَّ عنها؟ حيثُ إنّه لم يتمّ العَقُّ عنها. هل كان يجبُ تسميتُها؟ حيثُ لم تُسَمَّ.
لقد قامَ زوجي بغسلِها وتكفينِها والصلاةِ عليها ودفنِها فقط. هل ما تمَّ صحيحٌ؟
لقد طلَّقَني زوجي.. هل أتمكنُ أنا من العَقِّ عنها إذا كانت واجبةً؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
اعلمي – أختي السائلة – أنَّ الصبرَ على القضاءِ من مقاماتِ الصالحين، وأنَّ الرضا بقدرِ الله سبحانَه من منازلِ المقربين، وأنَّ خيرَ ما يستقبلُ العبدُ به البلاءَ أن يقولَ: الحمدُ لله، إنَّا للهِ وإنَّا إليه راجعون.
وخيرُ ما نبشرك به، ما جاءَ عن أبي موسى الأشعريِّ رضيَ اللهُ عنه:
أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم قال:
(إِذَا ماتَ ولدُ العَبْدِ، قالَ اللهُ لمَلائِكَتِهِ: قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ. فَيَقُولُ: قَبَضْتُم ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ. فَيَقُولُ: مَاْذَا قالَ عَبْدِيْ؟ فَيَقُولُونَ: حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ. فَيَقُولُ اللهُ: ابْنُوا لِعَبْدِيْ بَيْتًا فِيْ الجَنَّةِ , وَسَمُّوهُ بيتَ الحَمْدِ) .
رواه الترمذي (١٠٢١) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي.
قال النوويُّ رحمهُ الله:
" موتُ الواحدِ من الأولادِ حجابٌ منَ النار، وكذا السقطُ، واللهُ أعلم ".
"المجموع" (٥/٢٨٧) ، وانظر: "حاشية ابن عابدين" (٢/٢٢٨) .
وعن مُعاذِ بنِ جبلٍ رضيَ اللهُ عنه عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلم قالَ:
(وَالَّذِيْ نَفْسِيْ بِيَدِهِ إِنَّ السِّقْطَ لَيَجُرُّ أُمَّهُ بِسَرَرِهِ إِلَىْ الجَنَّةِ إِذَا احْتَسَبَتْهُ) رواه ابن ماجه (١٦٠٩) وضعفه النووي في "الخلاصة" (٢/١٠٦٦) والبوصيري، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه.
والسَّرَرُ: ما تقطعه القابلة من السرة. "النهاية" (٣/٩٩) .
وانظر السؤال رقم (٥٢٢٦) .
ثانيًا:
أجمعَ أهلُ العلمِ على أنَّ الطفلَ إذا عُرِفت حياتُه واستهلَّ – بصوتٍ – أنّه يُغَسَّلُ ويكفَّن ويُصَلى عليه.
نقل الإجماع ابن المنذر وابن قدامة في "المغني" (٢/٣٢٨) والكاساني في "بدائع الصنائع" (١/٣٠٢) .
قالَ النوويُّ في "المجموع" (٥/٢١٠) : ويكونُ كفنُه ككفنِ البالغِ ثلاثةَ أثواب.
وأما من لم يستهل بصوت , فقد سبق من جواب السؤال (١٣١٩٨) و (١٣٩٨٥) أن العبرة في ذلك بنفخ الروح فيه , ويكون ذلك بعد تمام أربعة أشهر من الحمل , فإن نفخت فيه الروح غسِّل وكفّن وصلى عليه , وإن لم تكن نفخت فيه الروح فلا يغسل ولا يصلى عليه.
انظر: "المغني" (٢/٣٢٨) ، "الإنصاف" (٢/٥٠٤) .
ثالثًا:
وأمَّا العقيقةِ عن السقط إذا بلغ أربعة أشهر , فقد اختلف العلماء في مشروعيتها , وسبق في جواب السؤال (١٢٤٧٥) و (٥٠١٠٦) اختيار علماء اللجنة الدائمة للإفتاء والشيخ ابن عثيمين أنها مشروعة مستحبة , وفيهما أيضاً أنه يُسمَّى.
رابعًا:
الذي يؤمر بالعقيقة هو من تلزمه النفقة على المولود , وهو الأب إن كان موجوداً , فإن امتنع فلا حرج أن يفعلها غيره كالأم.
جاءَ في الموسوعةِ الفقهيةِ (٣٠/٢٧٩) :
" ذهبَ الشّافعيّةُ إلى أنّ العقيقةَ تُطلبُ من الأصلِ الّذي تلزمُه نفقةُ المولودِ، فيؤدّيها من مالِ نفسِه لا من مالِ المولود، ولا يفعلُها من لا تلزمُه النّفقةُ إلاّ بإذنِ من تلزمُه.
وصرّحَ الحنابلةُ أنّه لا يَعقّ غيرُ أبٍ إلاّ إن تعذّرَ بموتٍ أو امتناعٍ، فإن فعلَها غيرُ الأبِ لم تُكرَه، ولكنّها لا تكون عقيقةً، وإنّما عقّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين، لأنّه أولى بالمؤمنينَ من أنفسِهم " انتهى.
فإن كان الأبُ حيًا قادرًا، فإنه ينصح بالعقيقةِ عن المولود، فإن امتنعَ أو أذنَ للأمِّ بالعقيقةِ فيُشرَعُ لها ذلك.
والحاصل: أن ما فعله زوجك من غسلها وتكفينها والصلاة عليها صحيح مشروع، ولكن يبقى عليكم تسميتها والعقيقة عنها.
واللهُ أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب