العمل في تقدير قيمة السيارات للبنوك الربوية ولغيرهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في مجال بيع السيارات، وأحيانا كثيرة تقوم بعض البنوك الربوية بالاتصال معي لسؤالي والتأكد مني من أسعار بعض السيارات، وذلك للتأكد من سعرها الحقيقي، حتى يعرفوا كيف يعطوا الزبون القادم إليهم قرضاً لشراء تلك السيارة، وهم يثقون بي، ويعرفون أني لا أعطيهم إلا السعر الحقيقي لهذه السيارة، مع أني لا أتعامل معهم، فلذلك قررت أن أفتح مكتباً لتقدير السيارات، بحيث يأتي أي شخص، ويطلب مني تقدير سيارة يود شراءها على أن أعطيه كتاباً خطيّاً بذلك موجهاً لأحد من البنوك الربوية، وبالمقابل يعطيني أجري، فهل هذا جائز؟ وإن كان غير جائز فهل يجوز لي أن أجيب هذه البنوك عن أسعار السيارات إذا اتصلوا معي على الهاتف؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نسأل الله تعالى أن يهديك لما فيه رضاه، وأن يوفقك لما فيه خير دنياك وأخراك، وأن يرزقك رزقاً حسناً طيِّباً مباركاً فيه.
ونشكر لك حرصك على تحري الكسب الحلال في وقت تكالب فيه الناس على الأعمال والوظائف غاضين الطرف عن حكم الشرع فيما يفعلون، إلا من رحم الله منهم.
وأما بخصوص ما سألتَ عنه:
١. التعاون مع البنوك الربوية بتقدير أسعار السيارات لها: لا يجوز؛ لأنه من التعاون على الإثم، وبفعلك هذا تصبح مساعداً على العقد الربوي المحرَّم الذي سيجري بين البنك وبين الطرف الآخر الراغب في الحصول على ذلك القرض، وقد حرَّمت الشريعة المطهرة الإثم، وحرَّمت الإعانة عليه.
قال الله تبارك وتعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/ ٢.
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله:
" (وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ) وهو التجرؤ على المعاصي التي يأثم صاحبها.
(وَالْعُدْوَانِ) وهو التعدي على الخَلْق، في دمائهم، وأموالهم، وأعراضهم، فكل معصية وظلم يجب على العبد كف نفسه عنه، ثم إعانة غيره على تركه.
(وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) على من عصاه وتجرأ على محارمه، فاحذروا المحارم لئلا يحل بكم عقابه العاجل والآجل" انتهى.
" تفسير السعدي " (ص ٢١٨) .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
لدي مكتب متخصص في تحصيل الديون، وأقوم بتحصيلها مقابل أتعاب محددة أتقاضاها بموجب اتفاق مبرم مع صاحب الدين، فهل في هذا محذور؟ ثم إنه تتصل بي بعض البنوك لتطلب مني تحصيل ديونها لدى الغير، ويدفعون لي أتعابا إلا أنني لم أوافق حتى الآن؛ لأستنير برأيكم وتوجيهكم الشرعي؟ ثم هل يشترط أخذ الأتعاب من صاحب الدين قبل أو بعد استحصال مبلغه؟ وهل في تحديد نسبة مئوية من أصل المبلغ كأتعاب أي محذور؟
فأجابوا:
"إذا كانت الديون غير ربوية فلا بأس بأخذ الأجرة على تحصيلها لصاحبها ممن هي عليه، أما الديون الربوية: كمداينات البنوك التجارية، فلا يجوز للمسلم أن يسعى في تحصيلها، ولا أخذ الأجرة على ذلك؛ لأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان، ومن إقرار المنكر.
ومبلغ الأجرة ووقت أخذها راجعان إلى ما يصطلح عليه الطرفان؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (المسلمون على شروطهم إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا) " انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ صالح الفوزان، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، الشيخ بكر أبو زيد.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (١٤ / ٢٦٩،٢٧٠) .
٢. فتح مكتب لتقدير أسعار السيارات للراغبين بشرائها: جائز في الجملة، والحالات التي لا يجوز لك فيها تقدير أسعارها: هي تلك التي تحتوي على عقود محرَّمة كتلك التي تفعلها البنوك والمؤسسات الربوية بعد أخذها تقدير قيمة السيارات، وأما التعامل مع الراغبين بالشراء المباح من البائع نفسه دون وساطات البنوك ومثيلاتها: فلا بأس به، وهو من العمل المباح، ونبشرك بالخير العظيم والأجر الجزيل إن اتقيت ربك تعالى، وتركت العمل المحرَّم مع البنوك والمؤسسات الربوية، واقنع بما يأتيك من حلال ولو قلَّ، ولا تلتفت إلى الحرام وإن كثر وعظُم.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب