ـ[أعمل عاملا براتب قليل والحمد لله، وأعول أسرتي المكونة من ستة أشخاص والآن مهدد بالإيقاف عن العمل لانتهاء عقدي، أرسل جل راتبي لأهلي وأحتفظ بالقليل جداً لسد حاجتي، الآن أسرتي تعتزم الخروج من المنزل الذي تسكن به وذلك لأنه ليس ملكهم، فهو إرث وأصحابه يريدون بيعه.
لدي قطعة أرض وشرعت في بنائها ولكن لم تكتمل طلبت مساعدة زملائي بالعمل فوافقوا على مساعدتي في بناء ما تبقى حتى تسكن أسرتي مع العلم بأنهم سوف يضطرون للاستئجار لقرب موعد الإخلاء وهذا يزيد من أعبائي حيث لا أستطيع أن أدفع الإيجار ومصروفاتهم في آن واحد وليس لهم عائل سواي، فهل يجوز أخذ المساعدة من زملائي على أنها زكاة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المسكن من الحوائج الأساسية التي لا يستغنى عنها، وهذه الحاجة تندفع بشراء المسكن أو بنائه أو استئجاره، ولا حرج في دفع الزكاة لمن ملك الأرض ولم يجد مالا يبنيها به، وهو داخل في عموم الفقراء والمساكين، الذين هم من مصارف الزكاة، كما قال تعالى:(إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة/٦٠.
قال في "بدائع الصنائع"(٢/٤٨) : " لا بأس بأن يعطى من الزكاة من له مسكن وما يتأثث به في منزله وخادم وفرس وسلاح وثياب البدن وكتب العلم إن كان من أهله، فإن كان له فضل عن ذلك ما يبلغ قيمته مائتي درهم حرم عليه أخذ الصدقة ; لأن هذه الأشياء من الحوائج اللازمة التي لا بد للإنسان منها فكان وجودها وعدمها سواء " انتهى.
وإذا كان هذا فيمن يملك المسكن والأثاث ولا يجد الكفاية، فأولى منه بالزكاة من لم يحصّل هذه الحوائج اللازمة.
وذكر أبو عبيد القاسم بن سلام في كتابه "الأموال"(ص٧٥٠) أن الرجل إذا " رأى أهل بيت من صالح المسلمين أهل فقر ومسكنة، وهو ذو مال كثير، ولا منزل لهؤلاء يؤويهم، فاشترى من زكاة ماله مسكنا يكنهم من برد الشتاء وحر الشمس، وجعل ذلك من زكاة ماله، أنه يكون مؤدياً للفرض، ويكون محسناً " انتهى بتصرف.
وينظر:"أبحاث فقهية في قضايا الزكاة المعاصرة"(١/٣٦٩) وفيه: " وإذا كان الفقير لا يملك مسكنا أو أمتعة جاز شراء ما يحتاج إليه من الزكاة " انتهى.
وعلى هذا، فلا حرج في أخذك المساعدة من زملائك على أنها زكاة.