إذا لم يأخذ قرضا ربويا سحبت منه الأرض وخسر العربون
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم إرشادي لما يحبه الله ويرضاه أنا وزوجي اشترينا قطعة أرض مدة سداد مبلغها ٤ سنوات. وقد سددنا قسطا من ثمنها ٣٠ ألف دينار (ما يزيد ٩٠ ألف ريال سعودي) وقد أعطى صاحب الأرض وعدا للبيع في هذه الفترة (٢٠٠٨) وطلب منا بقية المبلغ بنص العقد وإذا لم ندفع المبلغ المطلوب في ذلك الأجل فإن صاحب الأرض له أن ينفذ ما في العقد من شروط وأن يأخذ تلك الأموال (ما يعبر عنه في عرفنا العربون) التي قد سددناها ويسقط الوعد بالبيع في هذا الأجل المسمى لكن ليس لنا المبلغ المطلوب فتقدم زوجي بطلب للحصول على قرض وللأسف لا يتوفر بنوك إسلامية (في تونس) فكلها ربوية وليس لنا حل آخر فإذا لم ندفع المبلغ المطلوب نخسر الأموال والأرض. حالتي الاجتماعية ٣ أبناء مستأجرة منزل ٤٠٠ دينار شهريا مهنة زوجي محاسب مهنتي أستاذة، وللأمانة لزوجي قطعة أرض فلاحية لو باعها لا تفي بالغرض لأن مبلغها أقل من المطلوب، وأنا أحس بضيق شديد وبذنب لأني أنا التي دفعته لشراء هذه الأرض، وأسال الله أن يغفر لي وله. فماذا أفعل بارك الله فيكم في هذه الحالة؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يخفى عليك أن الربا كبيرة من كبائر الذنوب، وقد جاء فيه من الوعيد العظيم ما لم يأت في غيره من الذنوب، وتوعد الله مرتكبه بالحرب، وأخبر نبيه صلى الله عليه وسلم بحلول اللعنة على آكل الربا وموكله، وفي ذلك ترهيب عظيم من الوقوع في هذا المنكر.
قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) البقرة/٢٧٨، ٢٧٩.
وروى مسلم (١٥٩٨) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: (لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ: هُمْ سَوَاءٌ) .
وقال صلى الله عليه وسلم: (درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد عند الله من ستة وثلاثين زنية) رواه أحمد والطبراني، وصححه الألباني في صحيح الجامع (٣٣٧٥) .
وهذا الربا الملعون فاعله لا تبيحه الحاجة إلى المسكن، وإنما تبيحه الضرورة، كما يباح أكل الميتة وشرب الخمر، فمن أشرف على الهلاك ولم يجد ما يقتاته إلا عن طريق الربا، جاز له منه بقدر ما يزيل الضرر، وهذه الضرورة لا تتحقق في مسألتكم؛ لأنكم تجدون البديل المباح وهو الاستئجار وإن كان مكلفا أو مرهقا لكم ماديا.
وينظر جواب السؤال رقم (٨١٤١) ورقم (١٠١٠٨٠) .
وتأملي كيف يبتلى بعض الناس بارتكاب هذا الأمر العظيم ثم يعيشون في ظلاله وتبعاته عشرين سنة، فيا له من أمر عظيم، وجرم كبير.
فنوصيك بالصبر حتى ييسر الله لك الأمر، ويأتيك بالفرج، واعلمي أن خزائنه سبحانه ملأى، وأنه جعل التقوى من أسباب الرزق والعطاء، فقال: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) الطلاق/٢،٣.
ونحن نقدر ما أنتم فيه من الضيق والكره لذهاب الأرض والعربون، لكننا لا نستطيع أن نبيح لكم الربا، وعلى الإنسان أن يتدبر ويتريث قبل الإقدام على شراء ما لا يملك ثمنه.
نسأل الله أن يجعل لكم مخرجا وفرجا.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب