للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لم يدفع حصته من إيجار الشقة فهل يجزئه أن يتصدق به؟

[السُّؤَالُ]

ـ[كنت قد استأجرت شقة مع رفقة لي وكان مبلغ الأجرة نتحمله جميعاً وحصل أن تأخرنا شهرين عن دفع الأجرة بسبب الإجازة ثم بعد الإجازة لم نجتمع جميعاً ولم نسدد المبلغ وكان علي ٤٠٠ ريال فقمت بعد أن تذكرت المبلغ بالتصدق به، ولصاحب البيت ابنان متزوجان وأنا أعرف بيتيهما فهل يجب علي إيصال المبلغ لهما ولو بوضع المبلغ من تحت الباب مع العلم بأن والدهما مازال حياً ولكنني لا أعرف بيته.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

الواجب أن تدفع ما عليك من إيجار الشقة لصاحبها، ولا تجزئ الصدقة هنا، لإمكان الوصول إلى صاحب الحق، كما لا يجزئ دفعها لأبنائه، بل يلزمك أن تسألهم عن عنوانه وأن توصل إليه ماله لتبرأ ذمتك، ولا حرج أن تضعها تحت بابه بحيث يغلب على الظن أنه يجدها ويأخذها؛ لأن المطلوب هو وصول المال إليه بأي طريقة كانت.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " ... فإذا سرقتَ من شخصٍ أو من جهةٍ ما سرقةً: فإن الواجب عليك أن تتصل بمن سرقت منه وتبلغه وتقول: إن عندي لكم كذا وكذا، ثم يصل الاصطلاح بينكما على ما تصطلحان عليه، لكن قد يرى الإنسان أن هذا الأمر شاق عليه وأنه لا يمكن أن يذهب - مثلاً - إلى شخص ويقول أنا سرقت منك كذا وكذا وأخذت منك كذا وكذا، ففي هذه الحال يمكن أن توصل إليه هذه الدراهم - مثلاً - من طريق آخر غير مباشر مثل أن يعطيها رفيقاً لهذا الشخص وصديقاً له، ويقول له هذه لفلان ويحكي قصته ويقول أنا الآن تبت إلى الله - عز وجل - فأرجو أن توصلها إليه.

وإذا فعل ذلك فإن الله يقول: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) الطلاق/٢، (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً) الطلاق/٤ " انتهى من " فتاوى إسلاميَّة " (٤/١٦٢) .

وينبغي أن تنصح إخوانك وتذكرهم بعظم شأن المال، وأن الذنب المتعلق بحق الآخرين لا تكفي فيه التوبة، بل يشترط رد الحق إلى أهله؛ لما روى مسلم (٢٥٨١) أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لأصحابه ذات يوم: (أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟ قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لا دِرْهَمَ لَهُ وَلا مَتَاعَ. فَقَالَ: إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ) .

فبادر بإرجاع المال لصاحبه، ولا تتأخر في ذلك، وإن كان البحث عن عنوانه يحتاج إلى وقت فاكتب وصية بالمبلغ، فإن أحدا لا يدري متى يحين أجله.

نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>