ما هو الأفضل في رمضان الزكاة بالمال أو إطعام الفقراء؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الأفضل في رمضان الزكاة بالمال أو إطعام الفقراء؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أما الزكاة المفروضة فهي عبادة لها وقتها المقدَّر، وهو مرور سنة هجرية على النصاب، فإذا تمت السنة وجب إخراج الزكاة، ولا يجوز لمن وجب في ماله الزكاة وحل موعدها أن يتأخر عن أدائها إلا لعذر شرعي.
ولا يجوز انتظار شهر رمضان لأدائها فيه، إلا إذا كان الانتظار يسيرا كأسبوع أو أسبوعين. وانظر جواب السؤال رقم (١٣٩٨١) .
قال ابن قدامة رحمه الله:
" وتجب الزكاة على الفور، فلا يجوز تأخير إخراجها مع القدرة عليه والتمكن منه إذا لم يخش ضرراً، وبهذا قال الشافعي " انتهى.
" المغني " (٢ / ٢٨٩) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
هل الزكاة تفضل في رمضان مع أنها ركن من أركان الإسلام؟
فأجاب:
" الزكاة كغيرها من أعمال الخير تكون في الزمن الفاضل أفضل، لكن متى وجبت الزكاة وتمَّ الحوْل وجب على الإنسان أن يُخرجها ولا يؤخرها إلى رمضان، فلو كان حوْل ماله في رجب: فإنه لا يؤخرها إلى رمضان بل يؤديها في رجب، ولو كان يتم حولها في محرَّم فإنه يؤديها في محرم، ولا يؤخرها إلى رمضان، أما إذا كان حوْل الزكاة يتم في رمضان: فإنه يُخرجها في رمضان " انتهى.
" فتاوى إسلاميَّة " (٢ / ١٦٤) .
ولعل قصد السائل بالزكاة: صدقة التطوع، ولا شك أن الجود والبذل والعطاء بالمال والطعام والكسوة وغيرها: في رمضان أفضل من فعلها في غيره من الشهور ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود ما يكون في شهر رمضان.
فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ , فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ. رواه البخاري (٦) ومسلم (٢٣٠٨) .
قال النووي: وَفِي هَذَا الْحَدِيث فَوَائِد مِنْهَا: اِسْتِحْبَاب إِكْثَار الْجُود فِي رَمَضَان.
" شرح مسلم " (١٥ / ٦٩) .
وقال ابن القيم رحمه الله:
" وكان صلى الله عليه وسلم أجودَ الناس، وأجودُ ما يكون في رمضان، يُكثر فيه مِن الصدقة والإحسان وتلاوة القرآن والصلاة والذكر والاعتكاف " انتهى.
" زاد المعاد " (٢ / ٣٢) .
وإطعام الطعام فيه أجر عظيم لفاعله، وقد ذكر الله سبحانه وتعالى أن من صفات المؤمنين الذين استحقوا الجنة أنهم يطعمون الطعام، فقال تعالى: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا. إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا. إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا. فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا. وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا) الإنسان/٨-١٢، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه (مَنْ فَطَّرَ صَائِماً كانَ لَهُ مِثْلَ أَجْرِه) رواه الترمذي (٨٠٧) وابن ماجه (١٧٤٦) ، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي ".
وقد كان السلف الصالح يحرصون على إطعام الطعام، وذلك لما ورد من الترغيب فيه، مع ما ينشأ عنه من عبادات كثيرة منها: التودد والتحبب إلى المُطعَمين فيكون ذلك سبباً في دخول الجنة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولن تؤمنوا حتى تحابوا) ، كما ينشأ عنها مجالسة الصالحين واحتساب الأجر في معونتهم على الطاعات التي تقووا عليها بطعامك.
وأما تفضيل أحدهما على الآخر؛ " فقد كان كثير من السلف يفضل إطعام الإخوان على الصدقة على المساكين.
وقد روي في هذا المعنى مرفوعاً من حديث أنس بإسناد ضعيف، ولاسيما إن كان الإخوان لا يجدون مثل ذلك الطعام.
وروي عن علي رضي الله عنه قال: لأن أجمع أناسا من إخواني على صاع من طعام، أحب إلي من أن أدخل سوقكم فأبتاع نسمة فأعتقها.
وعن أبي جعفر محمد بن علي قال: لأن أدعو عشرة من أصحابي فأطعمهم طعاماً يشتهونه أحب إلي من أن أعتق عشرة من ولد إسماعيل ".
شرح حديث "اختصام الملأ الأعلى " لابن رجب، من "مجموع الرسائل" (٤/٤١) .
والحاصل: أن كلاًّ من الصدقة بالمال وإطعام الطعام له فضل كبير، فاحرص على الأمرين معا، وليكن لك نصيب من كل عبادة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب