يسمحون بالاختلاط في المسجد حرصاً على حضور الناس
[السُّؤَالُ]
ـ[في مسجدنا يحدث اختلاط بين الرجال والنساء قبيل وقت الإفطار في شهر رمضان، وهذا الأمر مستمر منذ عدة سنوات. القائمون على المسجد يتحججون بأنهم إذا لم يسمحوا للناس بفعل ما يريدون فلن يحضروا إلى المسجد.
وأيضا: فإن هناك العديد من البدع تحدث في التراويح، فعلى سبيل المثال: فإنهم يسبحون بعد كل أربع ركعات من التراويح. ما هي النصيحة التي توجهها لي لتصحيح الوضع؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
الاختلاط بين الرجال والنساء محرم؛ لما يفضي إليه من المفاسد والمحاذير الكثيرة، وقد سبق ذكر أدلة تحريم الاختلاط في جواب السؤال رقم (١٢٠٠) .
وإذا كان الاختلاط محرماً في عموم الأزمنة والأمكنة، فإنه أعظم تحريماً إذا كان يمارس في المساجد وفي شهر رمضان، لمنافاته للمقاصد الشرعية التي أقيمت لأجلها المساجد، من حفظ الدين ونشره، ودعوة الناس إلى الخير، ونهيهم عن الفساد والغيّ، ومنافاته لحكمة الصوم التي هي تحصيل التقوى، ومجانبة داعي الهوى.
والواجب على جميع أهل المسجد إنكار هذا المنكر والسعي في إزالته، وتتأكد المسئولية على القائمين على المسجد والمشرفين عليه.
وليس لأحد أن يحتج على جواز هذا المنكر أو السكوت عنه بأن منع الاختلاط قد يؤدي إلى تخلف بعض الناس عن الحضور إلى المسجد، فإن هذه حجة مردودة من وجوه:
الأول: أن السكوت عن إنكار المنكر مع القدرة على إنكاره يوقع صاحبه في الإثم. قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ) رواه مسلم (٤٨) .
ولا يرضى عاقل أن يكون حضوره إلى المسجد سببا في وقوعه في الإثم.
الثاني: أن أهم دور يضطلع به المسجد هو دعوة الناس إلى الخيرات، وتحذيرهم من المنكرات، ولهذا كان على القائمين على المسجد أن يبينوا للناس حرمة الاختلاط، وأن يمنعوهم من الوقوع فيه.
الثالث: أن القول بأن هؤلاء لن يحضروا إلى المسجد، مجرد ظن، وعلى فرض حصوله، فإن المقرر عند أهل العلم أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
الرابع: أنه يمكن تخصيص مكان مناسب لاجتماع النساء قبيل الإفطار، ولو في زاوية من زوايا المسجد أو خارجه، في خيمة ونحوها، مع شغلهن ببعض البرامج المفيدة، والأعمال النافعة، التي تشرف عليها النساء.
الخامس: أن الداعية ينبغي أن يكون هو المؤثر في الواقع والساعي إلى إصلاحه، لا أن يتأثر هو به أو يبحث عن تبريره وتسويغه.
والاختلاط ما هو إلا مشكلة أفرزها الواقع في ظل بُعْده عن الشرع، فينبغي أن تتكاتف الجهود لإنكاره، والقضاء عليه، وإن لم تكن الخطوة الأولى في بيوت الله، فأين ستكون؟!
ويمكنك أن تسعى مع بعض إخوانك الصالحين إلى إقناع المسئولين ومساعدتهم في إيجاد المكان المناسب لاجتماع النساء، ومشاركتهم في إعداد البرامج النافعة لهن.
ونسأل الله أن يكلل جهودكم بالنجاح والتوفيق.
ثانياً:
وأما ما يقولونه من التسبيح بعد كل أربع ركعات من صلاة التراويح، فقد سبق في جواب السؤال (٥٠٧١٨) أن ذلك من البدع المحدثة التي ينبغي تركها.
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله: ما حكم رفع الصوت بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والترضي عن الخلفاء الراشدين بين ركعات التراويح؟
فأجاب:
" لا أصل لذلك – فيما نعلم – من الشرع المطهر، بل هو من البدع المحدثة، فالواجب تركه، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها، وهو اتباع الكتاب والسنة، وما سار عليه سلف الأمة، والحذر مما خالف ذلك " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن باز" (١١/٣٦٩) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب