حاضت أثناء صومها شهرين متتابعين فهل ينقطع التتابع؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف كيف يمكن لامرأة أفطرت متعمدة أن تصوم شهرين متتابعين دون أي انقطاع؟ فما قولكم وهي تحيض كل شهر ٧ أيام هل ستفطر هذه الأيام ثم تكمل بعدها مباشرة أم ماذا؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
صيام رمضان فريضة عظيمة فرضها الله على عباده المؤمنين بقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة/١٨٣، فيجب على كل مسلم بالغ عاقل أن يصومه، إلا من له عذر شرعي، كالمريض والمسافر، فإنه يرخص لهما في الفطر، ويقضيان، وإلا الحائض والنفساء فإنه يجب عليهما الفطر، ويقضيان أيضا.
ومن أفطر في رمضان بغير عذر فقد أتى كبيرة من الكبائر، ولزمته التوبة إلى الله تعالى، وهل يلزمه قضاء اليوم الذي أفطر فيه؟
في ذلك تفصيل: فإن نوى الصوم ثم أفطر خلال اليوم من غير عذر، فإنه يلزمه القضاء. وإن لم ينو الصوم من الأصل، فالراجح أنه لا يلزمه القضاء.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " الفطر في نهار رمضان بدون عذر من أكبر الكبائر، ويكون به الإنسان فاسقاً، ويجب عليه أن يتوب إلى الله، وأن يقضي ذلك اليوم الذي أفطره، يعني لو أنه صام وفي أثناء اليوم أفطر بدون عذر فعليه الإثم، وأن يقضي ذلك اليوم الذي أفطره؛ لأنه لما شرع فيه التزم به ودخل فيه على أنه فرض فيلزمه قضاؤه كالنذر، أما لو ترك الصوم من الأصل متعمداً بلا عذر: فالراجح: أنه لا يلزمه القضاء؛ لأنه لا يستفيد به شيئاً، إذ إنه لن يقبل منه، فإن القاعدة " أن كل عبادة مؤقتة بوقت معين فإنها إذا أُخِّرَت عن ذلك الوقت المعين بلا عذر لم تقبل من صاحبها "؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) ؛ ولأنه مِن تعدي حدود الله عز وجل، وتعدي حدود الله تعالى ظلم، والظالم لا يقبل منه، قال الله تعالى: (وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ?للَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ ?لظَّلِمُونَ) ؛ ولأنه لو قدم هذه العبادة على وقتها - أي: فعلها قبل دخول الوقت - لم تُقبل منه، فكذلك إذا فعلها بعده لم تُقبل منه إلا أن يكون معذوراً " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (١٩ / السؤال رقم ٤٥) .
ثانيا:
من أفطر في رمضان بغير عذر، إن كان فطره بالجماع فإنه يلزمه مع القضاء الكفارة، وهي عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا، ولا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة إذا كانت مطاوعة في الجماع، وأما المكرهة فلا تلزمها الكفارة.
وإن كان الفطر بغير الجماع، بل بالأكل والشرب ونحوه، فقد اختلف الفقهاء في لزوم الكفارة حينئذ، والراجح أنها لا تلزمه.
لأنه لم يدل دليل على إيجاب الكفارة على من أفطر بها، ولا يصح قياسها على الجماع.
قال ابن قدامة رحمه الله: " ولأنه لا نص في إيجاب الكفارة بهذا ولا إجماع , ولا يصح قياسه على الجماع " انتهى من "المغني" (٣/٢٢) .
ثالثا:
إذا وجب على المرأة صيام شهرين متتابعين، فشرعت في الصوم ثم جاءها الحيض، فإنه لا ينقطع تتابع صومها، فتفطر، ثم تقضي أيام الحيض، ثم تكمل الشهرين؛ لأن الحيض أمر كتبه الله على بنات آدم، ولا عمل لها فيه، وهذا مجمع عليه بين أهل العلم.
قال ابن قدامة رحمه الله: " وأجمع أهل العلم على أن الصائمة متتابعاً، إذا حاضت قبل إتمامه , تقضي إذا طهرت , وتبني (يعني: تكمل على ما مضى) ، وذلك لأن الحيض لا يمكن التحرز منه في الشهرين إلا بتأخيره إلى الإياس , وفيه تغرير بالصوم ". انتهى من "المغني" (٨/٢١) .
وعليه فلو كان صومها للكفارة في شهري المحرم وصفر مثلا، وكان حيضها سبعة أيام في كل منهما، فإنها تفطر أيام الحيض، وتصوم بعدها مباشرة، وتواصل صيام أربعة عشر يوما من شهر جمادى الأولى، عوضا عن أيام الحيض.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب