للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل يظهر أنه حافظ للقرآن لتشجيع الناس

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا حافظ للقرآن ولله الحمد. فهل التحدث بذلك لمصلحة تشجيعية جائز , أما أنها خبيئة بين الإنسان وربه؟ أي أن كتمان ذلك أفضل؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

يجوز للإنسان أن يتحدث بما أنعم الله عليه من علم أو حفظ إذا كان ذلك لدفع الضر عنه، أو لجلب المصلحة للناس كما لو كان يريد تشجيعهم إلى الحفظ وطلب العلم، ولا يعد ذلك من تزكية النفس المنهي عنها، فقد قال تعالى على لسان يوسف عليه السلام: (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) يوسف/٥٥.

وقَالَ عَبْدِ اللَّهِ بْن مَسْعُود رضي الله عنه: (لَقَدْ قَرَأْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضْعًا وَسَبْعِينَ سُورَةً، وَلَقَدْ عَلِمَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي أَعْلَمُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَلَوْ أَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا أَعْلَمُ مِنِّي لَرَحَلْتُ إِلَيْهِ) رواه مسلم (٤٥٠٢) .

قال النووي رحمه الله في شرحه لهذا الحديث: "وَفِي هَذَا الْحَدِيث جَوَاز ذِكْر الْإِنْسَان نَفْسه بِالْفَضِيلَةِ وَالْعِلْم وَنَحْوه لِلْحَاجَةِ.

وَأَمَّا النَّهْي عَنْ تَزْكِيَة النَّفْس فَإِنَّمَا هُوَ لِمَنْ زَكَّاهَا وَمَدَحَهَا لِغَيْرِ حَاجَةٍ، بَلْ لِلْفَخْرِ وَالْإِعْجَاب، وَقَدْ كَثُرَتْ تَزْكِيَة النَّفْس مِنْ الْأَمَاثِل عِنْد الْحَاجَة كَدَفْعِ شَرٍّ عَنْهُ بِذَلِكَ، أَوْ تَحْصِيل مَصْلَحَة لِلنَّاسِ، أَوْ تَرْغِيب فِي أَخْذ الْعِلْم عَنْهُ، أَوْ نَحْو ذَلِكَ. فَمِنْ الْمَصْلَحَةِ قَوْل يُوسُف صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اِجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) وَمِنْ دَفْع الشَّرّ قَوْل عُثْمَان رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فِي وَقْت حِصَاره إنَّهُ جَهَّزَ جَيْش الْعُسْرَة، وَحَفَرَ بِئْر رُومَة. وَمِنْ التَّرْغِيب قَوْل اِبْن مَسْعُود هَذَا، وَقَوْل سَهْل بْن سَعْد: مَا بَقِيَ أَحَد أَعْلَم بِذَلِكَ مِنِّي، وَقَوْل غَيْره: عَلَى الْخَبِير سَقَطْت، وَأَشْبَاهه" انتهى.

ولكن.. كلما أمكن للإنسان أن يخفي عمله فهو أفضل، فقد يكون إظهاره والتحدث به باباً من أبواب الشيطان، ليوقع الإنسان في الفخر والإعجاب بعمله.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>