للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مشروعية التعوذ عند قراءة آية عذاب

[السُّؤَالُ]

ـ[ما حكم من يقف عند آيات العذاب في قراءة القرآن أثناء الصلاة؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

يسن للمصلي أن يتعوذ بالله إذا مر بآية عذاب، وأن يسأل الرحمة إذا مر بآية رحمة، في قول جمهور أهل العلم؛ لما روى مسلم (٧٧٢) عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَافْتَتَحَ الْبَقَرَةَ فَقُلْتُ يَرْكَعُ عِنْدَ الْمِائَةِ ثُمَّ مَضَى فَقُلْتُ يُصَلِّي بِهَا فِي رَكْعَةٍ فَمَضَى فَقُلْتُ يَرْكَعُ بِهَا ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ فَقَرَأَهَا ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ فَقَرَأَهَا يَقْرَأُ مُتَرَسِّلًا إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ) .

ورواه الترمذي والنسائي بلفظ: (إذا مر بآية عذاب وقف وتعوّذ) .

وروى أبو داود (٨٧٣) والنسائي (عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ قَالَ قُمْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً فَقَامَ فَقَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ لَا يَمُرُّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ إِلَّا وَقَفَ فَسَأَلَ وَلَا يَمُرُّ بِآيَةِ عَذَابٍ إِلَّا وَقَفَ فَتَعَوَّذَ قَالَ ثُمَّ رَكَعَ بِقَدْرِ قِيَامِهِ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ سُبْحَانَ ذِي الْجَبَرُوتِ وَالْمَلَكُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ ثُمَّ سَجَدَ بِقَدْرِ قِيَامِهِ ثُمَّ قَالَ فِي سُجُودِهِ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ قَامَ فَقَرَأَ بِآلِ عِمْرَانَ ثُمَّ قَرَأَ سُورَةً سُورَةً) .

وهذا يدل على مشروعية الوقوف عند آية العذاب والتعوذ.

قال النووي رحمه الله في "المجموع" (٣/٥٦٢) : " قال الشافعي وأصحابنا: يسن للقارئ في الصلاة وخارجها إذا مر بآية رحمة أن يسأل الله تعالى الرحمة أو بآية عذاب أن يستعيذ به من العذاب , أو بآية تسبيح أن يسبح أو بآية مثل أن يتدبر. قال أصحابنا: ويستحب ذلك للإمام والمأموم والمنفرد ... وكل هذا يستحب لكل قارئ في صلاته أو غيرها، وسواء صلاة الفرض والنفل والمأموم والإمام والمنفرد؛ لأنه دعاء فاستووا فيه كالتأمين , ودليل هذه المسألة حديث حذيفة رضي الله عنه ... هذا تفصيل مذهبنا: وقال أبو حنيفة رحمه الله: يكره السؤال عند آية الرحمة والاستعاذة في الصلاة. وقال بمذهبنا جمهور العلماء من السلف فمن بعدهم " انتهى.

وقال في "كشاف القناع" (١/٣٨٤) : " (وله السؤال والتعوذ في فرض ونفل، عند آية رحمة أو عذاب) انتهى.

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: " يسن لكل من قرأ في الصلاة أو غيرها إذا مر بآية رحمة أن يسأل الله تعالى من فضله , وإذا مر بآية عذاب أن يستعيذ به من النار. وإذا مر بآية تنزيه لله سبحانه نزهه فقال: سبحانه وتعالى , أو نحو ذلك , ويستحب لكل من قرأ (أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ) أن يقول: (بلى وأنا على ذلك من الشاهدين) , وإذا قرأ: (أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى) قال: (بلى أشهد) , وإذا قرأ: (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ) قال: (آمنت بالله) , وإذا قرأ: (فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) قال: (لا نكذب بشيء من آيات ربنا) , وإذا قرأ: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) قال: (سبحان ربي الأعلى) , ويستحب هذا للإمام والمأموم والمنفرد؛ لأنه دعاء فهو مطلوب منهم كالتأمين , وكذلك الحكم في القراءة في غير الصلاة " انتهى من "فتاوى الشيخ ابن باز" (١١/٧٥) .

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " ما حكم من قال آمين أو أعوذ بالله من النار أو سبحان الله والإمام يقرأ في صلاة جهرية وذلك عندما يسمع المأموم آيات تستوجب التعوذ أو التسبيح أو التأمين؟

فأجاب: أما الآيات التي تستوجب التسبيح أو التعوذ أو السؤال إذا مر بها القارىء في صلاة الليل فإنه يسن له أن يفعل ما يليق، فإذا مر بآية وعيد تعوذ، وإذا مر بآية رحمة سأل.

وأما إذا كان مستمعاً للإمام فإن الأفضل ألا يتشاغل بشيء غير الإنصات والاستماع، نعم إذا قدّر أن الإمام وقف عند آخر الآية وهي آية رحمة فسأل المأموم أو هي آية وعيد فتعوذ أو آية تعظيم فسبح فهذا لا بأس به، وأما إذا فعل ذلك والإمام مستمر في قراءته فأخشى أن يشغله هذا عن الاستماع إلى قراءة الإمام، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام حين سمع أصحابه يقرؤون خلفه في الصلاة الجهرية قال: (لا تفعلوا إلا بأم القرآن فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها) " انتهى من "فتاوى نور على الدرب".

ولكن من أهل العلم من خصّ استحباب ذلك بصلاة بالنافلة، لأن هذا هو الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإن فعله في الفريضة جاز، وإن لم يكن سنة.

ومنهم قال: يفعل ذلك في الفرض والنفل.

وانظر جواب السؤال رقم (٨٥٤٨١) .

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>