للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حكم إسقاط أجرة البيت عن الفقير واحتسابها من الزكاة

[السُّؤَالُ]

ـ[لدي مستأجر لا يستطيع أن يدفع كل ما عليه من إيجار لمروره بضائقة مالية كبيرة، فهل يجوز أن أسقط عنه الإيجار كزكاة؟ وإذا كان نعم فهل يجب أن أخبره أنها زكاة؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

يشترط في إخراج الزكاة أن يكون فيها تمليك للفقير، وإيتاء له؛ لقوله تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ) ، وقوله: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ) التوبة/٦٠، واللام للتمليك.

وقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين أرسله إلى اليمن: (فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكَاةً مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ) رواه البخاري (١٤٥٨) ومسلم (١٩) .

فالزكاة فيها أخذ وإعطاء وتمليك، ولهذا لا يجزئ أن تكون إسقاطاً للدين، أو الأجرة التي على الفقير، وهذا ما عليه جمهور الفقهاء.

لكن إن أعطيته زكاتك، وسدد هو منها الأجرة، دون اشتراط منك، ولا تحايل، فلا حرج في ذلك.

قال النووي رحمه الله في "المجموع" (٦/١٩٦) : " إذا كان لرجل على معسر دين فأراد أن يجعله عن زكاته وقال له: جعلته عن زكاتي، فالأصح أنه لا يجزئه , وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد، لأن الزكاة في ذمته فلا يبرأ إلا بإقباضها ...

أما إذا دفع الزكاة إليه بشرط أن يردها إليه عن دَيْنه فلا يصح الدفع، ولا تسقط الزكاة بالاتفاق، ولا يصح قضاء الدَّيْن بذلك بالاتفاق " انتهى باختصار.

وجاء في "الموسوعة الفقهية" (٢٣/٣٠٠) : " لا يجوز للدائن أن يسقط دَيْنه عن مدينه الفقير المعسر الذي ليس عنده ما يسد به دينه ويحسبه من زكاة ماله، فإن فعل ذلك لم يجزئه عن الزكاة , وبهذا قال الحنفية والحنابلة والمالكية ما عدا أشهب , وهو الأصح عند الشافعية , وقول أبي عبيد. ووجه المنع: أن الزكاة لحق الله تعالى , فلا يجوز للإنسان أن يصرفها إلى نفع نفسه أو إحياء ماله , واستيفاء دينه.

وذهب الشافعية في قول وأشهب من المالكية وهو منقول عن الحسن البصري وعطاء: إلى جواز ذلك ; لأنه لو دفع إليه زكاته ثم أخذها منه عن دينه جاز , فكذا هذا.

فإن دفع الدائن زكاة ماله إلى مدينه فردها المدين إليه سداداً لدينه , أو استقرض المدين ما يسد به دينه فدفعه إلى الدائن فرده إليه واحتسبه من الزكاة , فإن لم يكن ذلك حيلة , أو تواطؤا , أو قصدا لإحياء ماله , جاز عند الجمهور , وهو قول عند المالكية " انتهى.

وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: إذا كان لك دين عند مريض أو فقير معسر فهل لك أن تسقطه عنه من الزكاة؟

فأجاب: "لا يجوز ذلك؛ لأن الواجب إنظار المعسر حتى يسهل الله له الوفاء، ولأن الزكاة إيتاء وإعطاء، كما قال الله سبحانه: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ) ، وإسقاط الدين عن المعسر ليس إيتاء ولا إعطاء، وإنما هو إبراء، ولأنه يقصد من ذلك وقاية المال لا مواساة الفقير.

لكن يجوز أن تعطيه من الزكاة من أجل فقره وحاجته، أو من أجل غرمه، وإذا رد عليك ذلك أو بعضه من الدين الذي عليه فلا بأس، إذا لم يكن ذلك عن مواطأة بينك وبينه ولا شرط، وإنما هو فعل ذلك من نفسه.

وفق الله الجميع للفقه في الدين والثبات عليه " انتهى من "فتاوى الشيخ ابن باز" (١٤/٢٨٠) .

وينظر: للفائدة جواب السؤال رقم (١٣٩٠١) .

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>