للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قول: "يا رسول الله"

[السُّؤَالُ]

ـ[هل يجوز أن نقول يا رسول الله؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

لا يجوز دعاء غير الله لا في الرخاء ولا عند الشدة مهما عظم شأن المدعو، ولو كان نبياً مقرباً، أو ملكاً من ملائكة الله؛ لأن الدعاء عبادة.

عن النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الدعاء هو العبادة "، ثم قرأ (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين) رواه الترمذي (٢٨٩٥) وابن ماجه (٣٨١٨) . وصححه الألباني في صحيح الترمذي (٢٣٧٠) .

والعبادة حق خالص لله تعالى، فلا يجوز أن تصرف لغيره، ولذلك أجمع المسلمون على أن من دعا غير الله تعالى فهو مشرك.

فال شيخ الإسلام ابن تيمية:

فمن جعل الملائكة والأنبياء وسائط يدعوهم ويتوكل عليهم ويسألهم جلب المنافع ودفع المضار مثل أن يسألهم غفران الذنب وهداية القلوب وتفريج الكروب وسد الفاقات فهو كافر بإجماع المسلمين. " مجموع الفتاوى " (١ / ١٢٤) .

وقال ابن القيم رحمه الله:

ومِن أنواعه - يعني الشرك – طلب الحوائج من الموتى والاستغاثة بهم والتوجه إليهم وهذا أصل الشرك. " فتح المجيد " (ص ١٤٥) .

ولذلك وصف الله تعالى من دعا غيره بأنه لا أحد أضل منه، قال الله تعالى: (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (٥) وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ) الأحقاف/٥-٦.

وكيف يُدعَى غير الله، والله تعالى قد أخبر عن عجزهم بقوله: (وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (١٣) إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) فاطر/ ١٣-١٤.

قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ:

يخبر تعالى عن حال المدعوين من دونه من الملائكة والأنبياء والأصنام وغيرها بما يدل على عجزهم وضعفهم وأنهم قد انتفت عنهم الأسباب التي تكون في المدعو، وهي الملك وسماع الدعاء والقدرة على استجابته اهـ. " فتح المجيد " (ص ١٥٨) .

وكيف يُدعَى الرسول صلى الله عليه وسلم، والله تعالى أمره أن يقول: (قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَدًا) الجن/٢١.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ) .

رواه الترمذي (٢٥١٦) . وصححه الألباني في صحيح الترمذي (٢٠٤٣) .

ولذلك فإنه لا شك في خطأ من مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، بقوله:

يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم

وخطَّأه في ذلك كبار العلماء:

قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في تعليقه على كتاب "فتح المجيد" بشأن "بردة البوصيري" والتي فيها هذا الكلام:

وحذرنا النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري ومسلم: " لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم فأنا عبد الله ورسوله " وإنما تعظيمه وحبه باتباع سنته وإقامة ملته ودفع كل ما يلصقه الجاهلون بها من الخرافات، فقد ترك أكثر الناس هذا، وشغلوا بهذا الغلو والإطراء الذي أوقعهم في هذا الشرك العظيم. " فتح المجيد " (ص ١٥٥) .

هذا، ولم يُعلم أن صحابيّاً واحداً كان يستغيث بالرسول أو يدعو الرسول ولا نُقِلَ ذلك عن عالمٍ من العلماء المعتبرين، إلا ما كان مِن خرافات المنحرفين.

فإذا حزبك أمرٌ فقل: يا الله، فهو الذي يستجيب الدعاء، ويفرج الكروب، ويصرف الأمور.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>