للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الانتفاع ببيت بني من مال الخمر

[السُّؤَالُ]

ـ[ما حكم البيت الذي بني من مال الخمر وكذالك السيارة التي اشتريت من ذلك المال؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

شرب الخمر كبيرة من كبائر الذنوب، لما ورد فيها من الحدّ في الدنيا، والوعيد الشديد في الآخرة، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) المائدة/٩٠، وفي صحيح البخاري (٢٢٩٥) ومسلم (٨٦) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ) . "

أي ينتفي عنه الإيمان الواجب حال شربها، وينقص إيمانه نقصا عظيما بهذا الفعل الشنيع.

وفي سنن أبي داود (٣١٨٩) عن ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ) وصححه الألباني كما في صحيح أبي داود (٢/٧٠٠) .

والواجب على من ابتلي بشربها أن يبادر بالتوبة الصادقة النصوح، فيقلع عنها إقلاعا تاما، ويعزم على عدم العود إليها، ويندم على ما فات.

وإذا كانت الخمر محرمة على هذا النحو الذي بيّنا، فإن بيعها محرم كذلك، وقد لعن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بائعها ومشتريها.

وأما المال الناتج عن الاتجار في الخمر، ففيه تفصيل:

١- فإن كان لا يزال باقيا، وجب التخلص منه، بإعطائه للفقراء والمساكين، وصرفه في وجوه الخير؛ لأنه مال خبيث سحت لا يحل لكاسبه.

جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (١٤/٦١) فيمن كسب مالا عن طريق بيع المحرمات كالخمر: " قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا) وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك) خرّجه مسلم في صحيحه. لذلك فإنه يحرم على المسلم تعاطي المكاسب المحرمة، ومن وقع في شيء من ذلك وجبت عليه التوبة وترك الكسب الحرام، وأبواب الرزق الحلال -ولله الحمد- كثيرة ميسرة، وقد قال الله سبحانه: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) ومن تاب وعنده أموال اكتسبها بطرق محرمة؛ كالربا والميسر، وبيع المواد المحرمة؛ كالخمر والخنزير، فإنه يجب عليه أن يتخلص من تلك الأموال، بوضعها في مشاريع عامة، كإصلاح الطرق ودورات المياه، أو يفرقها على المحتاجين ولا يبقي عنده منها شيئا، ولا ينتفع منها بشيء؛ لأنها مال حرام، لا خير فيها، ومقتضى التوبة منها أن يتخلص منها ويبعدها عنه، ويعدل إلى غيرها من المكاسب " انتهى.

لكن إن كان كافرا حال بيعه الخمر، ثم أسلم، فلا يلزمه التخلّص من هذه الأموال، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يُلزم الصحابة بإخراج ما لديهم من الأموال المحرمة لما أسلموا.

٢- وإن كان قد أنفق المال، أو وضعه في بناء بيت أو شراء سيارة، فلا يلزمه شيء غير التوبة، فيتوب إلى الله تعالى، وينتفع بالبيت والسيارة، وينبغي أن يكثر من الصدقة والعمل الصالح. وينظر جواب السؤال رقم (٧٨٢٨٩)

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>