ـ[هل من المناسب أن يكون الإمام مدفوع الراتب مديراً للمسجد في نفس الوقت؟
بمعنى آخر تعارض في الاهتمامات، الرجاء الشرح.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا مانع من كون الإمام مديراً للمسجد في نفس الوقت، ولو كان يتقاضى مرتباً شهريّاً؛ وإمام المسجد هو المسؤول عن المسجد، وليس دوره مقتصراً فقط على الإمامة، لأن الإمام في المسجد كالسلطان في سلطانه، إلا إذا كان لا يُحسن تدبير المسجد أو كان منشغلاً لا يمكن القيام بجميع المهمات فلا مانع من أن يتولى رجلٌ آخر إدارة المسجد بعد موافقة الإمام. أو يوزع بعض المهمات على بعض المصلّين.
مكانة الإمامة في الإسلام:
اعلم وفقك الله أن " الإمامة نظام إلهي يُرشدنا الله سبحانه وتعالى فيه عمليّاً إلى مقاصد سنيَّة، وأهداف ساميَة من حسن الطاعة والاقتداء بالقادة في مواطن الجهاد، ولهذا كانت سنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسائر خلفائه الراشدين، ومن سلك سبيلهم من ولاة الأمور في الدولة الأمويَّة والعباسيَّة أن الأمير يكون إماماً في الصلاة والجهاد، فلقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بعث أميراً على حرب كان هو الذي يتولى إمامة الصلاة، وكذلك إذا استعمل رجلاً نائباً على مدينة، كما استعمل عتاب بن أُسيد رضي الله عنه على مكة وعثمان بن أبي العاص رضي الله عنه على الطائف وعلياً ومعاذاً وأبا موسى رضي الله عنهم على اليمن وعمرو بن حزم رضي الله عنه على نجران، وكان نائبه صلى الله عليه وسلم هو الذي يصلي بهم ويقيم فيهم الحدود وكذلك خلفاؤه بعده ومن بعدهم من الأمويين وبعض العباسيين وذلك لأن أهم أمر الدين الصلاة والجهاد.
وأما دور الإمام في المجتمع فلا شك أنه دور هام، كيف لا وهو يقوم بإمامتهم في الصلاة التي هي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين فالإمام هو القائد والمأمومون تابعون له والإمام يقوم بالتوجيه والإرشاد لجماعته بما يلقي من دروس ومواعظ فلقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون يجعلون من المسجد مؤتمراً يجمعون فيه المسلمين ليحصل التشاور بينهم في أمور دينهم وشئون دنياهم فيعلِّمون النَّاس التوحيد والفقه ومكارم الأخلاق مع أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر ".
انظر كتاب " أحكام الإمامة والائتمام في الصلاة " للمنيف (ص ٦٤) .
والإمام يتفقد الغائبين، ويزور المرضى، ويسعى في حاجات من يصلي معه من المسلمين ويُعلم جاهلهم، وينبه غافلهم، وينصح مسيئهم، ويُصلح ذات بينهم، ويقرب بعضهم من بعض ويسعى في أسباب المودة والمحبة بينهم، ويحاول إصلاح الخلل الإجتماعي فيهم من الشقاق العائلي، ومنازعات الجيران ونحو ذلك، وفي الجملة فإن دور الإمام عظيم عليه أن يقدّره حق قدره، وعلى الجماعة أن يعينوه في تحقيق المصالح الشرعية ودفع المفاسد والأضرار، والله الموفق.