للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل تسقط كفارة الجماع عمن عجز عنها؟

[السُّؤَالُ]

ـ[الأول: زوجي جامعني في نهار رمضان، في البداية أنا رفضت ثم استسلمت له ما الحكم علينا؟ مع العلم أننا ما نقدر نفك رقبة، ولا نصوم شهرين متتاليين، لأننا نخشى المشقة بالصوم. وإطعام ستين مسكينا رز كم كيلو؟ السؤال الثاني: أنا لست عاملة ولا يوجد لدي مصروف خاص بي كيف أتمكن من إطعام المساكين؟ هل يجب أن أدفعها مني أو زوجي هو يتكفل بها؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

الجماع في نهار رمضان من أعظم المفطرات، وأشنع المحرمات، وقد سبق في الموقع بيان حرمة ذلك، وأنه مفسد من مفسدات الصوم، كما في جواب السؤال رقم (٣٨٠٢٣) .

ثانيا:

يجب على من جامع أهله في نهار رمضان أن يعتق رقبة مؤمنة، فإن لم يقدر على ذلك فليصم شهرين متتابعين، فإن عجز عن ذلك فليطعم ستين مسكيناً، وهذه الكفارة على هذا الترتيب لا ينتقل من درجة منها إلى التي تليها إلا عند العجز عن السابقة؛ لما روى البخاري (١٩٣٦) ومسلم (١١١١) عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: هَلَكْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: وَمَا أَهْلَكَكَ؟ قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ. قَالَ: هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً؟ قَالَ: لا. قَالَ: فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَالَ: لا. قَالَ: فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قَالَ: لا.. . الحديث) .

والكفارة في الجماع على الرجل والمرأة على السواء.

فإذا عجز الرجل أو المرأة عن الكفارة، فإنها تسقط عنه؛ لقوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر الرجل بالكفارة، وأخبره أنه لا يستطيع، لم يذكر له بقاءها في ذمته، ولأن الواجب يسقط بالعجز.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (٦/٤١٧) : " وسقوط الكفارة بدليل الكتاب، والسنّة، أمّا من الكتاب فقوله تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَاّ مَا آتَاهَا) ، وهذا الرجل الفقير ليس عنده شيءٌ فلا يكلّف إلاّ ما آتاه الله، وقال تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) ، ودليلٌ ثالثٌ: العموم، عموم القاعدة الشرعيّة، وهي أنّه لا واجب مع عجزٍ، فالواجبات تسقط بالعجز عنها، وهذا الرجل الذي جامع لا يستطيع عتق الرقبة ولا الصيام ولا الإطعام، نقول: إذاً لا شيء عليك وبرئت ذمّتك.

فإن أغناه الله في المستقبل فهل يلزمه أن يكفر أو لا؟

فالجواب: لا يلزمه، لأنها سقطت عنه، وكما أنّ الفقير لو أغناه الله لم يلزمه أن يؤدي الزكاة عمّا مضى من سنواته؛ لأنّه فقير، فكذلك هذا الذي لم يجد الكفارة إذا أغناه الله تعالى لم يجب عليه قضاؤها.

أمّا الدليل من السنّة: فهو أن الرجل لمّا قال: (لا أستطيع أن أطعم ستين مسكيناً) لم يقل النبي صلّى الله عليه وسلّم: أطعمهم متى استطعت، بل أمره أن يطعم حين وجد، فقال: (خذ هذا تصدّق به، فقال: أعلى أفقر مني يا رسول الله ... فقال: أطعمه أهلك) ، ولم يقل: والكفارة واجبة في ذمتك، فدل هذا على أنها تسقط بالعجز " انتهى بتصرف.

تنبيه:

قولك: (ولا نصوم شهرين متتاليين، لأننا نخشى المشقة بالصوم) .

مجرد خوف المشقة لا يكون عذرا في ترك الصيام، بل لا بد من عدم الاستطاعة.

وللفائدة انظري جواب السؤال رقم (١٢٣٢٩) ، ورقم (١٦٧٢) ، ورقم (٩٣١٠٩) .والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>