متدين ويريد أن يلبس الثوب بدلا من السراويل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب جامعي متدين والحمد لله، على مذهب السلف رحمهم الله، أسألكم: هل يجب أن ألبس القميص أو يمكنني أن ألبس السراويل؟ وإن كان السراويل فما شروطه؟ مع العلم أني متخوف قليلا من لبس القميص، وأظن أنه ستواجهني عراقيل؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نسأل الله تعالى أن يثبتنا وإياك على دينه، وأن يعيننا على اتباع السلف الصالح بإحسان.
ثم ننصحك أخانا السائل في باب اللباس أن تلبس ما يعتاده الناس في بلدك، وألا تخرج عن لباسهم المألوف الساتر للعورة، فقد وَسَّعت الشريعة في أبواب العادات، وتركت شأنها – في الغالب – لما يعرفه الناس ويعتادونه، فلا يجوز أن نضيق واسعا، وأن ننسب إلى الدين ما ليس منه، سواء كان مذهبا أو لباسا.
كما أن الخروج عن عوائد الناس في هذه الأمور يسبب من الحرج والمشقة الشيء الكبير، وقد يؤدي في كثير من الأحيان إلى المفاخرة والعجب والمراءاة، خاصة إذا كان اللباس متعلقا بالدين أو شعارا لطائفة أو مذهب معين.
وقد يؤدي بصاحبه إلى ترك الالتزام بالأحكام الشرعية، والرجوع إلى الوراء، لأنه وجد أن التمسك بالأحكام الشرعية فيه مشقة شديدة لا يحتملها، وهو الذي شق على نفسه فيما ظنه من الشرع، والأمر ليس كذلك. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ هَذَا الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ) رواه البخاري (٣٩) والنسائي (٥٠٣٤) .
وقد سئل الإمام مالك رحمه الله عن الذي يعتم بالعمامة ولا يجعلها من تحت حلقه، فأنكرها، وقال:
" ذلك من عمل القبط، وليست من عمل الناس، إلا أن تكون عمامة قصيرة لا تبلغ " انتهى. "عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة" (٣/٥٢٥) .
ورأى الإمام أحمد رجلا لابسا بردا مخططا بياضا وسوادا فقال:
" ضع هذا، والبس لباس أهل بلدك " انتهى.
"غذاء الألباب شرح منظومة الآداب" (٢/١٢٥) .
وقال ابن بطال في "شرح البخاري" (٩/١٢٣) :
" الذي ينبغي للرجل أن يتزيا في كل زمان بزي أهله، ما لم يكن إثماً؛ لأن مخالفة الناس في زيهم ضرب من الشهرة " انتهى.
وقال ابن عقيل الحنبلي – كما في " مطالب أولي النهي" (١/٢٧٩) -:
" لا ينبغي الخروج عن عادات الناس، مراعاة لهم، وتأليفا لقلوبهم، إلا في الحرام إذا جرت عاداتهم بفعله، أو عدم المبالاة به، فتجب مخالفتهم رضوا بذلك أو سخطوا " انتهى.
فهؤلاء الأئمة أنكروا على من خرج عن عادات الناس فيما يلبسونه.
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء: شاع في كثير من بلاد المسلمين لبس البدلة، ذلك اللباس المكون من جاكيت وبنطلون، وقد تقتصر الملابس على بنطلون وقميص أو فانيلا بكم أو بنصف كم، في الصيف لشدة الحر، فهل لبس هذا اللباس يدخل تحت باب التشبه بغير المسلمين أو لا؟
فأجابت: " الأصل في أنواع اللباس الإباحة؛ لأنه من أمور العادات، قال تعالى: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ) الأعراف/٣٢، ويستثنى من ذلك ما دل الدليل الشرعي على تحريمه أو كراهته كالحرير للرجال، والذي يصف العورة؛ لكونه شفافا يرى من ورائه لون الجلد أو لكونه ضيقا يحدد العورة، لأنه حينئذ في حكم كشفها وكشفها لا يجوز، وكالملابس التي هي من سيما الكفار الخاصة بهم، فلا يجوز لبسها لا للرجال ولا للنساء؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن التشبه بهم، وكلبس الرجال ملابس النساء ولبس النساء ملابس الرجال؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال، وليس اللباس المسمى بالبنطلون والقميص مما يختص لبسه بالكفار، بل هو لباس عام في المسلمين والكافرين في كثير من البلاد والدول، وإنما تنفر النفوس من لبس ذلك في بعض البلاد لعدم الإلف ومخالفة عادة سكانها في اللباس، وإن كان ذلك موافقا لعادة غيرهم من المسلمين، لكن الأولى بالمسلم إذا كان في بلد لم يعتد أهلها ذلك اللباس ألا يلبسه في الصلاة ولا في المجامع العامة ولا في الطرقات.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز.. الشيخ عبد الرزاق عفيفي.. الشيخ عبد الله بن غديان.. الشيخ عبد الله بن قعود.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (٢٤/٣٩) .
فلا حرج عليك من لبس البنطلون الذي عليه أكثر المسلمين، وصار لباساً معتاداً لهم. وليس في ذلك ما يخالف الشرع.
وانظر في الضوابط الشرعية للباس الرجل جواب السؤال رقم: (٣٦٨٩١)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب