ـ[بفضل الله أمي حملت وسوف تنجب ولداً ولله الحمد فنذرت إن قامت بالسلامة وكان المولود معافىً بأن أذبح حاشي وهو كما تعلمون عمره يكون ثلاث سنوات، فهل إن ذبحته وفيت بنذري؟ أم هنالك شروط للذبيحة مثل الأضحية؟ يعني لها سن معين؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا نذرت ذبح (حاشي) إن أنجبت والدتك مولودا معافىً، فتم ذلك، لزمك الوفاء بالنذر، ويتحدد سن الحاشي بما نويته عند نذرك، وإلا فما يسمى في عرف الناس كذلك، فإنه يجزئك ذبحه ولا يشترط فيه شروط الأضحية، إلا إن كنت نويت أن يكون عقيقة للمولود، لأن العقيقة يشترط فيها ما يشترط في الأضحية، فإن كانت من الإبل لم يجزئ فيها إلا ما تم له خمس سنوات.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: نذرت والدتي أن تذبح بعيراً بعدما نسكن بيتاً يكون ملكاً لنا، والحمد لله قد نزلنا في البيت الذي هو ملك لنا، فما هو البعير أهو الجمل الكبير أم (الحاشي) أم يكون من أي نوع من أنواع الإبل؟ وإذا ذبحت هذا البعير فماذا نصنع به: هل يوزع أم نأكله أو نجعله في البيت أو نجعله عشاءً؟ أرجو التفصيل وفقك الله.
فأجاب:"قبل أن أجيب على الوفاء بهذا النذر أقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النذر وقال: (إنه لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل) وقال: (إنه لا يرد قضاءً) وما أكثر الذين ينذرون ولا يوفون، وعدم الوفاء بالنذر إذا كان نذر طاعة له عواقب وخيمة، اسمعوا قول الله تعالى:(وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنْ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ ـ أي: ولم يتصدقوا ـ وَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ) التوبة/٧٥-٧٧. عاقبة وخيمة، جعل الله في قلوبهم نفاقاً إلى الموت؛ لأنهم لم يفوا بالعهد. وإذا كان النذر منهياً عنه وقد تكون عاقبته وخيمة فإن المؤمن العاقل لا ينذر، إذا كان الله قد أذن لك بالشفاء شفيت بدون نذر، وإذا كان الله لم يأذن لك بالشفاء؛ فإنك لا تشفى ولو نذرت. كذلك أيضاً إذا كان الله قد يسر لك بيتاً يكون ملكاً لك تسكنه فإنه سيكون بلا نذر، وإذا لم يأذن الله بذلك فلن يكون.
أما بالنسبة للجواب على هذا السؤال فإن الواجب أن تذبح بعيراً كما نذرت، ثم إن كان في ذهنها ونيتها في ذلك الوقت أنه أيُّ بعير فلتذبح أي بعير ولو (حاشياً) صغيراً، وإن لم يكن في ذهنها شيء، فإنها تذبح بعيراً تصح أن تكون أضحية أي: ثنية لها خمس سنين. وإذا ذبحتها فرقتها على الفقراء؛ لأن هذا شكرٌ لله على تيسيره، إلا إذا كان من نيتها أنها تذبحها لإظهار الفرح والسرور كما يفعله بعض الناس إذا نزل بيتاً جديداً صنع وليمة، فهنا نقول: لا بأس أن تأكل منها وتطعم وتتصدق (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) " انتهى من "اللقاء الشهري"(٣٦/١١) .