هل يقدم الحج على الزواج بثانية؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا ما كان رجل لديه زوجة وأطفال وأراد أن يتزوج مرة أخرى من امرأة أخرى، ولكنه لم يقض فريضة الحج بعد، فهل يكون عليه أن ينفق ماله في الحج أولاً ثم بعد ذلك يتزوج من أخرى؟ ولكنه يريد الزواج من أخرى في الوقت الحالي وأن يحج ولكنه لا يملك المال الكافي للأمرين معاً. أرجو أن تخبروني أي الأمرين أفضل، مع العلم بأن لديه زوجة وأطفالاً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ذكر أهل العلم أن الرجل إذا لم يكن متزوجاً فإنه يقدم الحج على الزواج، إلا أن يخاف العنت، وهو الوقوع في الفاحشة أو المشقة، فيقدم حينئذ الزواج على الحج.
قال الشيرازي في "المهذب" (١ / ١٩٧) .
" وإن احتاج إلى النكاح وهو يخاف العنت قدم النكاح " انتهى.
وقال المرداوي في "الإنصاف" (٣/٤٠٤) :
" إذَا خَافَ الْعَنَتَ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى الْحَجِّ: قَدَّمَ النِّكَاحَ عَلَيْهِ , عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ , نَصَّ عَلَيْهِ [يعني الإمام أحمد] , وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ , وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ لِوُجُوبِهِ إذَنْ , وَحَكَاهُ الْمَجْدُ إجْمَاعًا , لَكِنْ نُوزِعَ فِي ادِّعَاءِ الْإِجْمَاعِ " انتهى.
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
"إن كان المسلم لا يخاف على نفسه من الزنا وجب عليه تقديم الحج على الزواج، وإن كان يخاف على نفسه من ذلك قدم الزواج على الحج من أجل إعفاف نفسه، ولأن الحج إنما يجب على المستطيع، وهذا يعتبر غير مستطيع حتى يعف نفسه " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (٢٣ / ٣٢٠) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله:
"من اشتدت حاجته إلى الزواج وجبت عليه المبادرة به قبل الحج؛ لأنه في هذه الحال لا يسمى مستطيعاً، إذا كان لا يستطيع نفقة الزواج والحج جميعاً فإنه يبدأ بالزواج حتى يعف نفسه" انتهى.
"مجموع فتاوى ابن باز" (١٦ / ٣٥٩) .
وانظر جواب السؤال رقم (٢٧١٢٠) .
أما من كان متزوجاً، فقد أعف نفسه بالزواج، فالواجب عليه المبادرة بالحج قبل الزواج بثانية؛ فإنه ركن من أركان الإسلام، وقد قال الله تعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) آل عمران/٩٧.
وقد يكون الرجل متزوجاً ولكنه يحتاج إلى أخرى، إما لكونه قوي الشهوة، أو لكون الأولى مريضة أو غير ذلك من الأسباب، ففي هذه الحالة يقدم الزواج بثانية على الحج، لحاجته إليه.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
"لو كان الأب نفسه يحتاج إلى نكاح ويخشى على نفسه إن لم يتزوج وليس في يده إلا هذه الدراهم فهو إما أن يحج بها وأما أن يتزوج فحينئذٍ نقول: قدم الزواج.
ولا تعجب إذا قلت إن الأب محتاج إلى الزواج وليس عنده إلا هذه الدراهم؛ لأن هذا يقع كثيرا قد يكون الرجل كثير الشهوة لم تغنه المرأة الأولى، أو تكون المرأة الأولى قد ماتت أو طلقت فيحتاج إلى زوجة أخرى" انتهى.
"فتاوى نور على الدرب" (٢٢٧ / ٣٠) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب