للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حكم قراءة سورة الفتح بنية النصر على الأعداء

[السُّؤَالُ]

ـ[ما حكم قراءة سورة الفتح بنية أن ينصر الله أهل غزة على عدوهم، والاستشهاد بهذا الحديث: حدثنا محمد بن جعفر وبهز قالا، حدثنا شعبة، عن معاوية، قال بهز في حديثه: حدثني معاوية بن قرة قال: سمعت عبد الله بن مغفل المزني قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة على ناقته يقرأ سورة الفتح.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

هذا العمل الوارد في السؤال، من تخصيص قراءة سورة معينة من القرآن الكريم تفاؤلا بالنصر، أو لغير ذلك من الحاجات: أمر محدث لا نعلم له أصلا، ولم نقف على استحبابه لدى أهل العلم، والواجب على المسلم التوقف عند ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، واجتناب الإحداث في الدين.

قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله:

" ومن البدع التخصيص بلا دليل، بقراءة آية، أو سورة في زمان أو مكان أو لحاجة من الحاجات، وهكذا قصد التخصيص بلا دليل.

ومنها:

أ - قراءة الفاتحة بنية قضاء الحوائج وتفريج الكربات.

ب -قراءة سورة الكهف يوم الجمعة على المصلين قبل الخطبة بصوت مرتفع.

ت -قراءة سورة يس أربعين مرة بنية قضاء الحاجات " انتهى باختصار.

" بدع القراءة " (ص/١٤-١٥)

ثانيا:

والمشروع هنا أن نتوسل إلى الله جل جلاله بأعمالنا الصالحة، من الصلاة والذكر وقراءة القرآن، وسائر القربات، وندعوه أن ينصر إخواننا المجاهدين، مع استفراغ الوسع في نفعهم بما يحتاجون إليه، كلما وجدنا إلى ذلك سبيلا.

عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: رَأَى سَعْدٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ لَهُ فَضْلًا عَلَى مَنْ دُونَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ) رواه البخاري (٢٨٩٦) .

وفي رواية النسائي (٣١٧٨) : (إِنَّمَا يَنْصُرُ اللَّهُ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِضَعِيفِهَا بِدَعْوَتِهِمْ وَصَلَاتِهِمْ وَإِخْلَاصِهِمْ) .

ثالثا:

أما الحديث الوارد في السؤال، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ سورة الفتح يوم فتح مكة، فقد ورد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ رضي الله عنه قَالَ: قَرَأَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ سُورَةَ الْفَتْحِ فَرَجَّعَ فِيهَا. وهو حديث صحيح، رواه البخاري (٤٨٣٥) ومسلم صحيحه (٧٩٤) .

لكن ليس في الحديث دلالة على استحباب تخصيص قراءة سورة الفتح بنية النصر على الأعداء، وذلك لما يلي:

١- أنه لا يدرى وقت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم لهذه السورة، أكان قبل الفتح أم بعده.

٢- أن قراءته صلى الله عليه وسلم لها إنما كانت لمناسبتها المقام، فقد نزلت هذه السورة بعد صلح الحديبية، ووعد الله تعالى فيها عباده المؤمنين بدخول مكة، وذلك في قوله تعالى: (لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا) الفتح/٢٧، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم بقراءة هذه الآية تذكر نعمة الله تعالى عليه وعلى أصحابه بصلح الحديبية أولا، ثم بفتح مكة ودخول المسجد الحرام على وجه الأمان، وتذكر صدق وعد الله تعالى لنبيه وأنه عز وجل لا يخلف وعده ولا ميعاده.

٣- لو كان غرض النبي صلى الله عليه وسلم من قراءتها هو استحضار نية النصر على الأعداء لأمر بذلك أصحابه أيضا كي يعلمهم هذه السنة ويكونوا أقرب إلى الإجابة.

نسأل الله أن يفرج عن إخواننا المسلمين في كل مكان، وأن يرفع عن أهل غزة ما هم فيه من البلاء، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

وانظر جواب السؤال رقم: (١١٠٧١٥)

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>