للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

زوجان يتشاجران كثيراً وتضربه فهل يطلقها؟

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا وزوجتي نتشاجر كثيراً، وتضربني هي بكل قوتها، أحيانًا أكون أنا الغلطان وأحياناً هي، ماذا نفعل حيال هذا؟ الحمد لله أنا أقوى فهي لا تؤذيني، ونحن زوجان سعيدان والحمد لله، آخر مرة ضربتني، وهممت أن أضربها لكني الحمد لله لم أفعل، وأنا لم أضربها منذ تزوجنا والحمد لله.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

لا ندري ما هي السعادة التي تعنيها أخي السائل؟ ولا ندري كيف تلتقي سعادتكما مع كثرة التشاجر وضرب الزوجة لكِ؟! .

ومما لا شك فيه أن ضرب المرأة لزوجها يدل على خراب هذا البيت وعدم صلاحيته لتربية الأولاد؛ إذا كيف سيربي الوالد أولاده وهم يرونه يُضرب من قبَل أمهم؟! .

وعلى كل حال: إذا أردتَ صلاح بيتك، وصلاح حال زوجتك: فلا بدَّ أن تعرف سبب لجوء زوجتك للعنف، ولا بد من علاجها.

وقد ذكر المختصون أسباباً لعنف الزوجة، ومنها:

١. أن يكون عنفها بسبب رد فعل منها تجاه عنف زوجها، وهذا السبب غير موجود – حسب الحال في سؤالك – في حياتك، فأنت تقول أنك لا تضربها.

٢. وقد يكون عنف زوجتك بسبب طفولتها السيئة، والتي قد تكون تعرضت فيها لعنف من والديها أو أحدهما أو من أحد إخوتها.

٣. وقد يكون عنف الزوجة بسبب ضعف شخصية الزوج، وهذا له أسباب كثيرة؛ فقد يكون زوجها لا يعمل، وتكون هي العاملة والمتحملة لمسئولية البيت، فتدفعها شخصيتها المتحكمة للطغيان على شخصيته الضعيفة.

وقد تكون الزوجة جميلة؛ فتدل عليه بجمالها، وهي تعلم شدة تعلقه بها، وقلة صبره عنها، فستغل ذلك لبسط سلطانها عليه وعلى بيته.

وقد تكون صاحبة جاه: من نسب وشرف، أو قوة أسرة، أو ما شابه ذلك، ولا يكون هو كذلك، فتستقوي عليه , وتستعلي عليه بما عندها، لا سيما إذا واكب ذلك ضعف طبيعي في شخصية الرجل وقوامته في بيته.

٤. وقد يكون عنف المرأة بسبب تأثيرات ما تقرؤه أو تشاهده أو تتعاطاه، فقد تكون متأثرة بالنساء القويات، أو أنها تقرأ حكاياتهن، أو يوسوس لها شيطانات الإنس بأن هذه الطريقة المناسبة لوقف الزوج عند حدِّه، أو أنها قد تكون تتعاطى المخدرات والمسكرات.

وفي ظننا أن السبب الثاني والثالث هما المحتملان بقوة لعنف امرأتك، فإذا عرفتَ السبب فلا بدَّ من معالجته بالحكمة واللطف، وتذكيرها بعظيم حقك عليها، وواجبها تجاهك، وتذكرها بعقوبة التعدي عليك باللسان واليد، وتنبيهها على أن فعلها سيسهم في فشل تربيتكم لأولادكم، وقد تنعكس شخصيتها على بعض بناتها.

فإن لم تجدِ هذه الطريقة: فيجوز لك استعمال الشدة معها، فإذا جرأها عليك حلمك عليها، ولينك معها، فلعل شدة عليها، وإغلاظك لها، يردعها عن ذلك.

وأيا ما كانت هذه الشدة، بالقول، أو بالهجر، أو بالضرب غير المبرح، فهي كلها وسائل متاحة لك لتقويم عوج زوجك، وإظهار القوامة بمعناها الكامل، والقِوامة تعني ظهور شخصيتك في البيت والإنفاق على البيت، ولا حرج عليك من ضربها إن تعدَّت حدودها، وأطالت لسانها، أو مدت يدها لضربك.

وعليك أخي السائل أن تبتعد عن إثارتها واستفزازها، فقد تؤذيها ببعض كلامك، وليس عندها من الدين والعقل ما يمنعها من إطالة لسانها أو يدها عليك، واعلم أن مرضها هذا يحتاج منك لصبر وحكمة في التعامل معها.

والواقع أن استعلاء المرأة على زوجها، وتخطيها لحق القوامة الواجب له، هو من الشذوذ الذي يصيب بعض النساء، وقبول الرجل لذلك هو ـ أيضا ـ نوع من الشذوذ الذي يصيب بعض الرجال، فيتنازل عن جزء لا يتجزأ من رجولته وقوامته، وهو وضع يجب تعديله وإصلاحه، ولا يجوز الاستمرار عليه، لا سيما إذا كان هناك أولاد يرون ذلك.

إن ما أشرت إليه ـ أيها السائل ـ من أنك تتشاجر أنت وامرأتك كثيرا، هو مربط الفرس ـ كما يقولون ـ في مشكلتكم؛ فإن الزواج هو عقد بداية للمحبة والمودة والسكن، والمشاجرات هي سعي ـ ولو ببطء ـ لفض تلك الشركة، وإنهاء السكن والمحبة:

فَإِنّي وَجَدتُ الحُبَّ في الصَدرِ وَالأَذى إِذا اِجتَمَعا لَم يَلبث الحُبُّ يَذهَبُ

وانظر جواب السؤال رقم (٤١١٩٩) لتقف على تفاصيل حكم ضرب الزوجة.

ونسأل الله تعالى أن يهديها ويصلح بالها، وأن يعينك على الصبر على أذاها، وأن يوفقك لإصلاحها.

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>