للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل يجوز الذهاب لوليمة عرس سبقتها منكرات وآثام؟

[السُّؤَالُ]

ـ[تقام في بلدنا حفلات الزفاف بحيث يكون فيها معازف، وغناء، وألعاب نارية، حتى وقت متأخر من الليل، وفي اليوم التالي تقام وليمة عرس، نحن نقاطع الحفلة التي فيها المنكرات، ولكن اختلفنا بشأن الذهاب إلى الوليمة، بعضنا يقول: إن الذهاب إلى الوليمة يكون تأييداً لهم على منكرهم، والبعض يقول: إن المنكر انتهى، والوليمة ليس فيها منكرات، لذا يجب إجابة الدعوة، هل يجوز الذهاب إلى وليمة من أقام المنكرات، مع العلم أن الوليمة لا يصاحبها معازف؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

قد بينَّا في جواب السؤال رقم: (٢٢٠٠٦) حكم إجابة الدعوة، ورجحنا وجوب الإجابة، وذكرنا الشروط التي يجب تحققها لثبوت الوجوب، ومن تلك الشروط:

" ألا يكون هناك منكر في مكان الدعوة، فإن كان هناك منكر، وهو يستطيع إزالته: وجب عليه الحضور لسببين: إجابة الدعوة، وتغيير المنكر، وإن كان لا يمكنه إزالته: حرم عليه الحضور ".

انتهى

وهذا الشرط المذكور في الجواب هو في حال كون المنكر موجوداً وقت الوليمة، وهذا مما لا ينبغي أن يُختلف فيه.

قال ابن قدامة - رحمه الله -:

إذا دعي إلى وليمة فيها معصية، كالخمر، والزمر، والعود، ونحوه، وأمكنه الإ ن كار، وإزالة المنكر: لزمه الحضور، والإنكار.

وإن لم يقدر على الإنكار: لم يحضر، وإن لم يعلم بالمنكر حتى حضر: أزاله، فإن لم يقدر: انصرف.

" المغني " (٧ / ٢٧٩) .

وأما الوارد في السؤال فهو فيما لو كانت المنكرات قد سبقت الوليمة بيوم أو يومين، كما هو الحال في الأعراس في بعض الدول، حيث يحتفل النساء في ليلة، ثم الرجال والنساء في الليلة التي تليها، ثم تكون الوليمة في اليوم الثالث، وغالباً ما تكون بعد صلاة الجمعة، والذي نراه في هذه الحال أنه لا يجوز لأحدٍ أن يحضر تلك الوليمة إن كان قد سبقتها منكرات وآثام، والعرس وحدة واحدة، والوليمة جزء منه، وينبغي النظر إليه بهذا الاعتبار، وثمة اعتبار آخر، وهو أن حضور المسلم للطعام فيه إقرار لهم بما فعلوه قبلها من منكرات، والأصل أن مثل هؤلاء يهجرون لفعلهم المنكر، فكيف لأحد أن يشاركهم طعامهم بعد أن عصوا ربهم وجاهروا بذلك على يومين أو أكثر؟! .

نعم، يوجد من يقول بأنه ليس ثمة منكر وقت الوليمة، وأنه لا يشاهِد، ولا يَسمع شيئاً من المنكرات أثناء تناول الوليمة، لكن لا ينبغي أن نغض الطرف عن فعل أصحاب العرس في لياليهم التي عصوا فيها الرب تعالى، وهو متوعدون بالعقوبة عليها، والمسلم يجب أن يكون له موقف من تلك المنكرات، وأهلها، وإن ذهابه لتناول الطعام ليزري به؛ حيث يقول أهل تلك الأعراس: " إن من أنكر علينا معاصينا سيشاركنا في الطعام! وسيحضر في فقرة العرس الأخيرة! "، وهذا ما يُقال من قبل أولئك العصاة، مع تندر، واستهزاء بأهل الفضل والخير، وأنهم أهل طعام! .

والحنفية مع تساهلهم في حضور الوليمة إن كان المنكر في المنزل، غير مشاهد، ولا مسموع، لكنهم أبوا أن يكون أهل الدِّين من الحاضرين لتلك الوليمة.

ففي " الموسوعة الفقهية " (٤٥ / ٢٤٠) :

وأما الحنفية: فقد صرحوا بأنه لو كان المنكر في المنزل: فإنْ قدر المدعو على المنع: فعل، وإلا صبر، مع الإنكار بقلبه، هذا إن لم يكن مقتدى به، فإن كان مقتدى به، ولم يقدر على المنع: فإنه يخرج، ولا يقعد؛ لأن فيه شينَ الدِّين.

انتهى

سئل الشيخ محمد بن عبد العزيز المسند – حفظه الله -:

أحياناً أدعى إلى وليمة بعدها تقام بدعة، مثل ضرب الدفوف، أو سهرة غناء أناشيد، وهذا بعد الوليمة بكثير، فهل يجوز تلبية مثل هذا؟ .

فأجاب:

لا يجوز تلبية مثل هذه الولائم، إلا لمن في حضوره إزالة لهذا المنكر، أو تخفيف له، أمّا الاكتفاء بالحضور دون إنكار: فهو نوع من الإقرار، لكن ينبغي أن يكون الإنكار بالحكمة، والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، فلا يصل إلى درجة العراك، أو الشتائم، والسباب.

" الأسئلة الجزائرية " (السؤال رقم ٢٦، رقم الفتوى: ٢٤٥٦٣) .

http://www.islamlight.net/almesnad/index.php?option=com_ftawa&task=view&id=٢٤٥٦٣

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>