تزوجت من غير ولي وتم إجراء العقد بدون حضورها
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت منذ فترة من رجل بعقد زواج عند محامى لظروف معينة على أننا بعد انتهاء تلك الظروف سوف نتزوج لدى مأذون بإذن الله.. وفي العقد جميع البيانات صحيحة والشهود كانوا المحامى نفسه وشقيقه.. ولكن أنا لم أحضر لأن الظروف حالت دون ذلك وكان لابد من إتمام الأمر لذا فقد تم الأمر والعقد بدون حضوري.. لأن المحامى على ثقة منا ونحن أيضاً على ثقة منه.. وعندما أحضر زوجي العقد وضعنا أيدينا على المصحف الشريف وتبادلنا بالقول التزويج على سنة الله ورسوله وعلى مذهب الإمام أبي حنيفة.. وعاشرني زوجي معاشرة الأزواج حتى سفره.. سؤالي: هل ما حدث حلال أم حرام لأني بداخلي قلق وخوف من أن ما حدث ليس مكتملاً لأني لم أحضر ولم يسمعني الشهود.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
نحن نأسف جدا لتلاعب المسلمين بعقد الزواج الذي سماه الله تعالى "ميثاقا غليظا" إلى هذا الحد.
ونتعجب من هذه الجرأة على محارم الله.
فهذا المحامي والزوج والشهود هل يرضى واحد من هؤلاء لابنته أو أخته أن تتزوج بهذه الطريقة، وبدون علمه أو موافقته.
لا نظن أن أحدا عنده شيء من الرجولة أو الشهامة يرضى ذلك لابنته أو أخته، فلماذا رضوا ذلك لبنات الناس.
ثم هؤلاء الشهود، على أي شيء شهدوا، والزوجة لم تحضر، ولم يسمعوا منها أو من وليها أنها موافقة على هذا الزواج، ولا يحل للشاهد أن يشهد إلا على ما يعلمه، أما مجرد الثقة في المحامي أو غيره فلا تجيز لهم الشهادة على شيء لا يعلمونه.
ثانياً:
عقد النكاح بهذه الكيفية لا يصح، لأنه لا يصح للمرأة أن تزوج نفسها، بل يشترط حضور وليها وموافقته، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ) رواه الترمذي (١١٠١) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (١٨٩٣) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ) رواه الترمذي (١١٠٢) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (١٨٤٠) .
وقولكم إن الزواج تم على مذهب أبي حنيفة، هذا لا يغير من الحكم شيئا، فإنه لا قول لأحد مع قول الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد حكم الرسول صلى الله عليه وسلم كما علمت بأن المرأة لا تزوج نفسها، وأن التي تزوج نفسها فنكاحها باطل.
وللشيخ أحمد شاكر رحمه الله كلام نفيس جدا في هذه المسألة فيقول:
"الذي لا يشك فيه أحد من أهل العلم بالحديث ـ أن حديث (لا نكاح إلا بولي) : حديث صحيح، ثابت بأسانيد تكاد تبلغ مبلغ التواتر المعنوي الموجب للقطع بمعناه، وهو قول الكافة من أهل العلم، الذي يؤيده الفقه في القرآن، ولم يخالف في ذلك ـ فيما نعلم ـ إلا فقهاء الحنفية ومن تابعهم وقلدهم، وقد كان لمتقدميهم بعض العذر، لعله لم يصل إليهم إذ ذاك بإسناد صحيح، أما متأخروهم، فقد ركبوا رؤوسهم وجرفتهم العصبية، فأخذوا يذهبون كل مذهب في تضعيف الروايات أو تأويلها، دون حجة أو دون إنصاف.
وها نحن أولاء ـ في كثير من بلاد الإسلام، التي أخذت بمذهب الحنفية في هذه المسألة ـ ترى آثار تدمير ما أخذوا به للأخلاق والآداب والأعراض، مما جعل أكثر أنكحة النساء اللاتي ينكحن دون أوليائهن، أو على الرغم منهم ـ أنكحة باطلة شرعا، تضيع معها الأنساب الصحيحة.
وأنا أهيب بعلماء الإسلام وزعمائه، في كل بلد وكل قطر، أن يعيدوا النظر في هذه المسألة الخطيرة، وأن يرجعوا إلى ما أمر الله به ورسوله، من شرط الولي المرشد في النكاح، حتى نتفادى كيرا من الأخطار الخلقية والأدبية، التي يتعرض لها النساء، بجهلهن وتهورهن، وباصطناعهن الحرية الكاذبة، وباتباعهن للأهواء، وخاصة الطبقة المنهارة منهم، طبقة المتعلمات، مما يملأ القلب أسفا وحزنا، هدانا الله لشرعه الإسلام ووقانا سوء المنقلب " انتهى.
"مختصر تفسير ابن كثير" (١/٢٨٦) .
وعلى هذا، فهذا النكاح الذي بينكما لا يصح، والطريقة إلى تصحيحه أن يعاد النكاح مرة أخرى بحضور وليك والشهود.
ونسأل الله تعالى أن يصلح أحوالكما.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب