ترغب في العمل وزوجها يمنعها
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي لا يسمح لي بالعمل ولا بالدراسة، وأنا أرى أن عندي وقت فراغ وعندي القدرة على ذلك، فهل يحق له أن يمنعني من العمل أو الدراسة، هو لا يستمع لي مما يسبب لي الأذى؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الواجب على كلا الزوجين أن يحتكما إلى الشرع في جميع شئون حياتهما، فما حكم به الشرع وجب تنفيذه وامتثاله، وهذا هو سبيل السعادة والراحة في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: " فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا " النساء / ٥٩.
وبخصوص عمل المرأة وخروجها من منزلها نقول:
١- الأصل هو قرار المرأة في بيتها، وقد دل على ذلك قوله تعالى: (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى) الأحزاب / ٣٣، وهذا الخطاب وإن كان موجها إلى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم فإن نساء المؤمنين تبع لهن في ذلك، وإنما وجه الخطاب إلى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم لشرفهن ومنزلتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأنهن القدوة لنساء المؤمنين.
ودل على ذلك أيضا: قول النبي صلى الله عليه وسلم " المرأة عورة، وإنها إذا خرجت استشرفها الشيطان، وإنها لا تكون أقرب إلى الله منها في قعر بيتها) رواه ابن حبان وابن خزيمة وصححه الألباني في السلسة الصحيحة برقم ٢٦٨٨
وقوله صلى الله عليه وسلم في شأن صلاتهن في المساجد: " وبيوتهن خير لهن " رواه أبو داود (٥٦٧) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
٢- يجوز للمرأة أن تعمل أو تدرس إذا توفرت جملة من الضوابط:
- أن يكون هذا العمل مناسبا لطبيعة المرأة متلائما مع تكوينها وخلقتها، كالتطبيب والتمريض والتدريس والخياطة ونحو ذلك.
- أن يكون العمل في مجال نسائي خالص، لا اختلاط فيه، فلا يجوز لها أن تدرس أو تعمل في مدرسة مختلطة.
- أن تكون المرأة في عملها ملتزمة بالحجاب الشرعي.
- ألا يؤدي عملها إلى سفرها بلا محرم.
- ألا يكون في خروجها إلى العمل ارتكاب لمحرم، كالخلوة مع السائق، أو وضع الطيب بحيث يشمها أجنبي عنها.
- ألا يكون في ذلك تضييع لما هو أوجب عليها من رعاية بيتها والقيام بشئون زوجها وأولادها.
٣- ما ذكرت من وجود القدرة والرغبة لديك في العمل والتدريس أو الدراسة أمر حسن، ولعلك تستغلين ذلك في طاعة الله، كأن تقومي بتدريس فتيات المسلمين في بيتك أو في مركز إسلامي – وفق الضوابط السابقة – أو ممارسة شيء يعود بالنفع عليك وعلى أسرتك كالخياطة ونحوها، مما يكون وسيلة للخروج من حالة الملل والشعور بالفراغ.
كما يمكنك أن تلتحقي بإحدى الجامعات الإسلامية المفتوحة، التي تتيح لك الدراسة عن بعد، لتزدادي علما وفقها، مع ما في ذلك من الدرجة والمنزلة عند الله، فإن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء. كما جاء في الحديث الذي رواه الترمذي ٢٦٨٢ وأبو داود ٣٦٤١، والنسائي ١٥٨، وابن ماجه ٢٢٣ والحديث صححه الألباني في صحيح الترمذي.
وسلي الله تعالى أن يرزقك الذرية الصالحة، فإن القيام على تربية هذه الذرية لا يدع للمرأة وقتا ولا فراغا، وهي مأجورة في ذلك كله، والحمد لله.
وتذكري أن طاعة الزوج واجبة في غير المعصية، وعليه فإذا أمر الزوج زوجته ألا تخرج لعمل ولا لدراسة وجب عليها امتثال أمره، وفي ذلك سعادتها ونجاتها، ففي الحديث الذي رواه ابن حبان في صحيحه " إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحصنت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت " والحديث صححه الألباني في صحيح الجامع برقم ٦٦١
ولا ينبغي للزوج أن يستغل هذا الحق في إيذاء مشاعر زوجته، ومصادرة رأيها، والتعنت في حرمانها من رغباتها، بل عليه أن يتقي الله عز وجل، وأن يحرص على مشاورة زوجته ومحاورتها، وتبيين الحكم الشرعي لها، وتوفير البدائل المباحة التي تسعدها، وتنمي قدراتها، وتحقق شيئا من رغباتها.
نسأل الله ن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب