للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حكم برمجة الألعاب الإلكترونية

[السُّؤَالُ]

ـ[هل يجوز تصميم ألعاب الكمبيوتر (بدون موسيقى) التي تستخدم على الجوال أو أجهزة الكمبيوتر وبيعها؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

الخطر في الألعاب (الإلكترونية) يكمن في جهتين:

الأولى: في طريقة اللعبة والصيغة التي أنشأها عليها المبرمجون.

الثانية: في طريقة استعمال هذه الألعاب وكيفية تعاطي الناس معها.

أما عن طريقة اللعبة وما تحتويه من صور ومراحل وشخوص وأهداف: فهذه مسؤولية تتحملها مؤسسات البرمجة التي تنتج الألعاب (الإلكترونية) ، فهي التي تملك توجيه هذه الألعاب نحو تحقيق أهداف سامية: من غرس للقيم والأخلاق الفاضلة، وتنمية لمهارات التفكير والذكاء، وتربية على حسن التصرف والتعامل مع المواقف الطارئة، إلى جانب تحقيق التسلية والمتعة المباحة لرواد هذه الألعاب.

ولا شك أن المتخصصين في برمجة الألعاب (الإلكترونية) على اطلاع أدق في تفاصيل الألعاب التي يمكن إنتاجها وتسويقها، ولعلهم يدركون كل ما يدعو إليه التربويون من ضرورة ترشيد الإنتاج ومراقبة الاستعمال، خاصة مع انتشار الدراسات والأبحاث والنداءات الكثيرة لإنقاذ الأبناء من أضرار طمع وجشع تجار الألعاب (الإلكترونية) ومنتجيها.

فالألعاب التي تعوِّد القتل المجرد، والسرقة، والاعتداء، ليست كالألعاب التي تنمِّي الشجاعة، والدفاع عن الحرمات، وحفظ الأمانات، وإرجاع الحق لصاحبه.

كذلك الألعاب التي تقيِّد التفكير، وتحصر الذهن في مشاهدَ وأعمالٍ محدودةٍ، ليست كتلك التي تنطلق بالذهن والفكر نحو الإبداع والإنتاج.

إلا أننا نطمع في الانطلاق نحو إشباع هذه الألعاب بالقيم الصالحة النافعة، كالحفاظ على الطاعات - وأهمها الصلاة -، والحفاظ على الوقت، والاهتمام بالعلم والدراسة، والصدق، والأمانة، والوفاء، وغيرها، ليس فقط في تركيب هذه القيم ضمن التكوين الكلي للعبة، بل بلفت أنظار المستعملين لها بطريقة أو بأخرى، حتى تعلق في أذهان المرتادين الذين هم في الغالب في المراحل العمرية الأولى.

والخطر كل الخطر في محاولة تقليد الألعاب التي تنتجها شركات المتاجرة بالقيم، والتي لا ترقب في إنتاجها إلا تحقيق المتعة، والشهوة، والمردود المادي الكبير، على حساب الأسرة والمجتمع، وأغلب هذا الإنتاج السيئ يأتينا من قبل المبرمجين من غير المسلمين، وللأسف أيضاً يأتينا من كثير من الشركات المسلمة التي غفلت عن تعاليم دينها وقيم مجتمعاتها.

لذلك تجد الكثير من هذه الألعاب – إن لم نقل أكثرها – تستبيح التعري، والقمار، والسحر، والموسيقى، وتنتشر فيها صور الصليب والقصص الخيالية التي تعتدي على الإيمان بعالم الغيب من الجنة والنار والملائكة والبعث بعد الموت، ولو تأمل المبرمج المسلم لوجد شركات البرمجة العالمية حريصة على غرس معتقداتها والدعوة إلى دينها – على بطلانه وفساده – فكيف يغفل هو عن الدعوة إلى دينه وفضائل الأخلاق عبر ما يصنعه وينتجه؟! .

وقد سبق بيان شيء من الأفكار السابقة عند حديثنا عن حكم الرسوم المتحركة في جواب السؤال رقم (٧١١٧٠) .

أما الخطر الذي يأتي من جهة استعمال هذه الألعاب وطريقة التعاطي معها: فذلك حديث واسع قد لا يكون للمبرمج فيه علاقة، إلا من حيث حرصه على التوجيه والإرشاد لأفضل طرق الاستعمال التي تحقق الفوائد وتدفع المضار، فما المانع من نشر هذه التعليمات في بداية كل لعبة تنتجها الشركة؟ أو نشر هذه الإرشادات على شكل ورقة مطوية تصحب جميع أقراص الألعاب، كما يمكن توجيه الآباء الذين يقبلون على شراء تلك الألعاب لأبنائهم.

والمقصود من هذه الإرشادات هو التوجيه النافع لهذا النوع من التسلية، كي لا يطغى على أوقات الأبناء فيحول بينهم وبين أداء الواجبات الدينية والدنيوية الأخرى، والتحذير من الأخطار المتوقعة من جراء المبالغة في استعمالها، كالأخطار الصحية على العين، والظهر، والسمع، ونحو ذلك، وكذلك التنبيه على الفئات العمرية المناسبة لكل لعبة، فمن المعلوم أن ألعاب الكبار قد لا تصلح للصغار، والعكس كذلك، فلا بد من الحرص على التزام كلٍّ بما يناسبه، وهذا كله يحتاج إلى توجيه وإرشاد لا يعرفه إلا المبرمج الذي يتقي الله تعالى، والذي يملك الوعي الكامل ويتحمل المسؤولية تجاه دينه ومجتمعه.

والخلاصة:

أن المبرمج الذي يلتزم بالضوابط الشرعية السابقة، ويراعي في عمله ما سبق التنبيه عليه: فلا حرج عليه فيما يصنع - إن شاء الله تعالى -، بل لعله يؤجر على ما ينشر من خير في مقابل ما ينتشر من الشر، والله سبحانه وتعالى مطلع على قلبه وقصده.

ويمكنك – أيضاً - مراجعة جواب السؤال رقم (٢٨٩٨) في تفصيل حكم " الألعاب الإلكترونية ".

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>