للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل للمتوفى عنها زوجها أن تسافر للحج في فترة العدة

[السُّؤَالُ]

ـ[امرأة توفي زوجها، وتريد أن تسافر للحج وهي في فترة العدة، فهل يجوز لها ذلك؟ مع العلم أنها قد حجت حجة الإسلام.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

الواجب على من توفي زوجها أن تعتد أربعة أشهر وعشرة أيام، لقول الله تعالى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) البقرة/٢٣٤.

وخلال فترة العدة يلزمها الإحداد على زوجها.

روى البخاري (١٢٨٠) ومسلم (١٤٨٦) عن أُمِّ حَبِيبَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاثٍ إِلا عَلَى زَوْجٍ فَإِنَّهَا تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا) .

وقد سبق في جواب السؤال (١٣٩٦٦) بيان الأشياء التي يجب على المتوفى عنها زوجها أن تتجنبها في فترة العدة.

ومنها: الخروج من البيت.

فإنها لا تخرج بالنهار إلا لحاجة، ولا تخرج ليلاً إلا لضرورة.

وخروجها للحج لا يعتبر ضرورة، لا سيما والمرأة المسئول عنها قد حجت الفريضة.

بل ذكر العلماء رحمهم الله أنها لا يجوز لها الخروج لحج الفريضة.

قال ابن قدامة رحمه الله في المغني" (١١/٣٠٣-٣٠٥) :

" الْمُعْتَدَّة مِنْ الْوَفَاةِ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ إلَى الْحَجِّ , وَلا إلَى غَيْرِهِ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ , وَعُثْمَانَ , رضي الله عنهما. وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ , وَالْقَاسِمُ , وَمَالِكٌ , وَالشَّافِعِيُّ , وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ , وَالثَّوْرِيُّ.

وَإِنْ خَرَجَتْ , فَمَاتَ زَوْجُهَا فِي الطَّرِيقِ , رَجَعَتْ إنْ كَانَتْ قَرِيبَةً ; لأَنَّهَا فِي حُكْمِ الإِقَامَةِ , وَإِنْ تَبَاعَدَتْ , مَضَتْ فِي سَفَرِهَا. وَقَالَ مَالِكٌ: تُرَدُّ مَا لَمْ تُحْرِمْ.

ويدل عَلَى وُجُوبِ الرُّجُوعِ إذَا كَانَتْ قَرِيبَةً , مَا رَوَى سَعِيدٌ بن منصور عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: تُوُفِّيَ أَزْوَاجٌ , نِسَاؤُهُنَّ حَاجَّاتٌ أَوْ مُعْتَمِرَاتٌ , فَرَدَّهُنَّ عُمَرُ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ , حَتَّى يَعْتَدِدْنَ فِي بُيُوتِهِنَّ. . .

وَلَوْ كَانَتْ عَلَيْهَا حِجَّةُ الإِسْلامِ , فَمَاتَ زَوْجُهَا , لَزِمَتْهَا الْعِدَّةُ فِي مَنْزِلِهَا وَإِنْ فَاتَهَا الْحَجُّ ; لأَنَّ الْعِدَّةَ فِي الْمَنْزِلِ تَفُوتُ , وَلا بَدَلَ لَهَا , وَالْحَجُّ يُمْكِنُ الإِتْيَانُ بِهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْعَامِ " انتهى باختصار وتصرف يسير.

وجاء في "الموسوعة الفقهية" (٢٩/٣٥٢) :

" ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إلَى أَنَّهُ لا يَجُوزُ خُرُوجُ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ وَفَاةٍ إلَى الْحَجِّ , لأَنَّ الْحَجَّ لا يَفُوتُ , وَالْعِدَّةُ تَفُوتُ " انتهى.

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن امرأة توفي عنها زوجها وأدركها حج الفريضة، وهي في الحداد وهي مستطيعة وقادرة وعندها محرم هل تحج أو لا؟

فأجاب:

" لا تحج، بل تبقى في بيتها، وفي هذه الحال لا يجب عليها الحج، لقول الله تعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) آل عمران/٩٧. وهذه المرأة لا تستطيع شرعاً، وإن كان معها محرم، وتؤجل إلى السنة الثانية، أو الثالثة حسب استطاعتها " انتهى.

"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (٢١/٦٨) .

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>