يشرع سؤال الله الوقاية من شر ما خلق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز دعاء الله عز وجل بأن يحميني من شر ما خلق في هذا الكون , وفي القبر وفي اليوم الآخر؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الالتجاء إلى الله تعالى للحماية والوقاية من كل سوء وشر وأذى من أعظم العبادات، وأفضل الطاعات، فالله عز وجل يحب المستغيثين به، الملتجئين إليه، المستعيذين بعظمته وقدرته.
قال الله عز وجل:
(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ. مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ. وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ. وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ. وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ) سورة الفلق/١-٥.
وقوله تعالى: (من شر ما خلق) جاء بصفة العموم، فشمل الاستعاذة من كل شر في الحياة الدنيا كالشيطان ووساوسه، وفي البرزخ كعذاب القبر، وفي الحياة الآخرة كجهنم.
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله:
" (مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ) أي: من شر جميع المخلوقات، وقال ثابت البناني والحسن البصري: جهنم وإبليس وذريته مما خلق " انتهى.
" تفسير القرآن العظيم " (٨/٥٣٥)
وقال العلامة السعدي رحمه الله:
" أي: (قل) متعوذًا (أَعُوذُ) أي: ألجأ وألوذ وأعتصم (بِرَبِّ الْفَلَقِ) أي: فالق الحب والنوى، وفالق الإصباح. (مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ) وهذا يشمل جميع ما خلق الله من إنس وجن وحيوانات، فيستعاذ بخالقها من الشر الذي فيها، ثم خص بعدما عم، فقال: (وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ) أي: من شر ما يكون في الليل حين يغشى الناس وتنتشر فيه كثير من الأرواح الشريرة والحيوانات المؤذية. (وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ) أي: ومن شر السواحر اللاتي يَسْتعِنّ على سحرِهن بالنفث في العقد التي يعقدنها على السحر. (وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ) والحاسد هو الذي يحب زوال النعمة عن المحسود، فيسعى في زوالها بما يقدر عليه من الأسباب، فاحتيج إلى الاستعاذة بالله من شره وإبطال كيده، ويدخل في الحاسد العاين؛ لأنه لا تصدر العين إلا من حاسد شرير الطبع، خبيث النفس، فهذه السورة تضمنت الاستعاذة من جميع أنواع الشرور عمومًا وخصوصًا. ودلت على أن السحر له حقيقة يخشى من ضرره، ويستعاذ بالله منه ومن أهله " انتهى.
" تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان " (ص/٩٣٧)
وقد علَّمنا النبي صلى الله عليه وسلم الاستعاذة بالله من شر ما خلق في بعض الأذكار الشرعية:
عن خولة بنت حكيم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ نَزَلَ مَنْزِلًا ثُمَّ قَالَ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ) رواه مسلم (٢٧٠٨)
وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَيَقُولُ: (إِنَّ أَبَاكُمَا كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ) .
رواه البخاري (٣٣٧١) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب