هل تلزم النفقة للزوجة الناشز إذا كانت حاملاً؟
[السُّؤَالُ]
ـ[خرجت زوجتي من بيتي بغير إذني وذهبت إلى بيت أهلها، وهي هناك منذ عدة شهور، وهي حامل، هل يلزمني أن أدفع نفقة الحمل؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
لا يجوز للمرأة أن تخرج من بيت زوجها بغير إذنه، فإن فعلت ذلك كانت ناشزاً، ولا حق لها في النفقة حتى تعود إلى طاعة زوجها.
ولكن.. يجب معرفة سبب خروجها هذه المدة الطويلة، فقد تكون فعلت ذلك فراراً من الزوج الذي يسيء عشرتها أو يضربها أو يظلمها ونحو ذلك. فيكون التقصير والاعتداء منه هو وليس منها.
ثانيا:
إذا نشزت المرأة وهي حامل، فهل يلزم الزوج نفقة الحمل، أم لا؟ فيه خلاف بين الفقهاء، وهو مبني على اختلافهم في نفقة الحامل، هل هي للحمل أم للحامل؟ وجمهور العلماء على أن الناشز الحامل لها النفقة، وهو مذهب المالكية والحنابلة، وقول للشافعية.
قال ابن قدامة رحمه الله: "هل تجب نفقة الحمل للحامل من أجل الحمل أو للحمل؟ فيه روايتان ; إحداهما: تجب للحمل، اختارها أبو بكر ; لأنها تجب بوجوده , وتسقط عند انفصاله, فدل على أنها له. والثانية: تجب لها من أجله ; لأنها تجب مع اليسار والإعسار , فكانت له كنفقة الزوجات , ولأنها لا تسقط بمضي الزمان , فأشبهت نفقتها في حياته، وللشافعي قولان , كالروايتين، وينبني على هذا الاختلاف فروع ; منها: ... إن نشزت امرأة إنسان , وهي حامل , وقلنا: النفقة للحمل لم تسقط نفقتها ; لأن نفقة ولده لا تسقط بنشوز أمه وإن قلنا: لها، فلا نفقة لها ; لأنها ناشز" انتهى من "المغني" (٨/١٨٧) باختصار.
وقال في "مطالب أولي النهى" (٥/٦٢٧) : "والنفقة على الحامل للحمل نفسه , لا لها من أجله; لأنها تجب بوجوده، وتسقط عند انقضائه ; فتجب النفقة لناشز حامل ; لأن النفقة للحمل، فلا تسقط بنشوز أمه" انتهى بتصرف.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "هذه المسألة فيها خلاف بين الفقهاء، فمنهم من يقول:
إن النفقة للحامل من أجل الحمل.
ومنهم من يقول: إن النفقة للحمل، لا للحامل من أجله....وهذا القول الثاني أرجح، لكنه لما كان لا طريق لنا إلى إيصال النفقة إلى الحمل إلا عن طريق تغذيته بالأم، صار الإنفاق على هذه الأم من أجل الحمل.
ينبني على هذا الخلاف: لو كانت الزوجة ناشزاً وهي حامل، فهل لها نفقة؟
إن قلنا: النفقة للحمل [وهو الأرجح كما سبق] ، وجب لها النفقة، لأن الحمل ليس بناشز، وإن قلنا: إن النفقة لها، سقطت نفقتها، لأنها ناشز" انتهى باختصار من "الشرح الممتع" (١٣/٤٧٠) .
وعلى هذا؛ فنفقة الحمل واجبة على الأب، حتى ولو كانت أمه ناشزاً.
فإذا تنازعوا في قدر هذه النفقة فيرجع في ذلك إلى القاضي، ليحسم النزاع، ويحكم بما يظهر له أنه العدل.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب