للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بمَ أدعو لطفلي المريض؟

[السُّؤَالُ]

ـ[ما هو الدعاء الذي يمكن لوالد أو والدة أن يدعو به لطفل مصاب باعتلال صحي؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

لقد علَّمَنا النبي صلى الله عليه وسلم في مثل هذه الأحوال أمورًا فيها الشفاء والتخفيف، كما أن فيها الأجر والمثوبة، وذلك من رحمة الله بهذه الأمة المباركة، ومن حرص النبي صلى الله عليه وسلم عليها، وهو الذي وصفه الله بقوله: (لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءوفٌ رَّحِيمٌ) التوبة/١٢٨.

فكان مما علَّمَنا صلى الله عليه وسلم:

١- قراءة الفاتحة:

فعن أبي سعيد الخدري رضي الّله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم وصف سورة الفاتحة بأنها رقية، وأقر الصحابي الذي رقى بها من لدغة العقرب ونحوه. البخاري (٢١٥٦) ومسلم (٢٢٠١) .

قال ابن القيم:

" ولقد مر بي وقت بمكة سقمت فيه، وفقدت الطبيب والدواء، فكنت أتعالج بها، آخذ شربة من ماء زمزم وأقرؤها عليها مرارا، ثم أشربه، فوجدت بذلك البرء التام، ثم صرت أعتمد ذلك عند كثير من الأوجاع، فأنتفع بها غاية الانتفاع " انتهى.

"زاد المعاد" (٤/١٦٤) .

٢- وعَن عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اشتَكَى مِنَّا إِنسَانٌ مَسَحَهُ بِيَمِينِهِ ثُمَّ قَالَ: (أَذهِبِ البَاسَ، رَبَّ النَّاسِ، وَاشفِ أَنتَ الشَّافِي، لا شِفَاءَ إِلا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا) رواه البخاري (٥٦٧٥) ومسلم (٢١٩١) واللفظ له.

٣- وَعَن عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا قَالَت: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ إِذَا مَرِضَ أَحَدٌ مِن أَهلِهِ نَفَثَ عَلَيهِ بِالمُعَوِّذاتِ، فَلَمَّا مَرِضَ مَرَضَه الذي مَاتَ فِيهِ، جَعَلتُ أَنفُثُ عَلَيهِ وَأَمسَحُ بِيَدِ نَفسِهِ، لِأَنَّهَا كَانَت أَعظَمَ بَرَكَةً مِن يَدِي. رواه البخاري (٥٧٣٥) ومسلم (٢١٩٢) واللفظ له.

٤- وَعَن عُثمَانَ بنِ أَبِي العاصِ الثَّقَفِيِّ أَنَّه شَكَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم وَجَعًا يَجِدُهُ فِي جَسَدِهِ مُنذًُ أَسلَمَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: (ضَع يَدَكَ عَلَى الذِي تَأَلَّم مِن جَسَدِكَ، وَقُل: " بِاسمِ اللهِ " ثلاثًا، وَقُل سَبعَ مَرَّاتٍ: " أَعُوذُ بِاللهِ وَقُدرَتِهِ مِن شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ ") رواه مسلم (٢٢٠٢) .

٥- وَعَن أَبِي سَعِيدٍ الخُدرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّ جِبرِيلَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، آشتَكَيتَ؟ فَقَالَ: نَعَم. فَقَالَ جِبرِيلُ عَلَيهِ السَّلامُ: بِاسْمِ اللهِ أَرقِيك، مِن كُلِّ شَيْءٍ يُؤذِيك، مِن شَرِّ كُلِّ نَفسٍ أَو عَينٍ حَاسِدٍ، اللَّهُ يَشفِيكَ، بِاسمِ اللَّهِ أَرقِيكَ. رواه مسلم (٢١٨٦) .

٦- وَعَن أَبِي الدَّردَاءِ رَضِيَ الَّلهُ عَنهُ قَالَ: سَمِعتُ رَسُولَ الَّلهِ صَلَّى الّله عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَنِ اشتَكَى مِنكُم شَيئًا أَو اشتَكَاهُ أَخٌ لَهُ فَليَقُلْ: رَبّنَا الَّلهُ الذِي فِي السَّمَاءِ، تَقَدَّسَ اسمُكَ، أَمرُكَ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، كَمَا رَحمَتُكَ فِي السَّمَاءِ فَاجْعَلْ رَحْمَتَكَ فِي الأَرْضِ، اغفِر لَنَا حَوْبَنَا وَخَطَايَانَا، أَنتَ رَبُّ الطَّيِّبِينَ، أَنزِلْ رَحْمَةً مِن رَحمَتِكَ، وَشِفَاءً مِن شِفَائِكَ عَلَى هَذَا الوَجَعِ، فَيَبرَأ) رواه أبو داود (٣٨٩٢) وصححه الحاكم في "المستدرك" (٤/٢٤٣) وحسنه ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (٣/١٣٩) .

٧- وَعَن ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ الَّلهُ عَنهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الَّلهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَن عَادَ مَرِيضًا لَم يَحضُرْ أَجَلُهُ فَقَالَ عِندَهُ سَبعَ مِرَارٍ: أَسأَلُ الَّلهَ العَظِيمَ رَبَّ العَرشِ العَظِيمِ أَن يَشفِيَكَ، إِلَّا عَافَاهُ الَّلهُ مِن ذَلِكَ المَرَضِ) رواه أبو داود (٣١٠٦) وصححه النووي في "الأذكار" (ص/١٨٠) والألباني في "صحيح أبي داود".

وأثناء قراءتك هذه الرقى عليك أن تمسحي بيدك على وجهه وصدره وبطنه كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل، وأن تقتربي من رأس طفلك حيث يأتيه نَفَسُكِ أثناء رقيتك، ولا بأس من النفث بالريق الخفيف أثناء ذلك في وجهه.

قال ابن القيم:

" فإن الرقية تخرج من قلب الراقي وفمه، فإذا صاحبها شيء من أجزاء باطنه من الريق والهواء والنفس، كانت أتم تأثيرًا، وأقوى فعلا ونفوذا " انتهى.

"زاد المعاد" (٤/١٦٤) .

وقبل ذلك كله وفوقه: الإخلاص لله في الدعاء، وصدق اللجأ إليه، والتذلل على أبوابه، وتلمس أوقات الإجابة، فإن الله تعالى يستحي إذا رفع العبد يديه في الدعاء أن يردهما خائبتين، ولا تستعجلي الإجابة، فقد يؤخر الله فَرَجَه لِحِكمةٍ يعلمها، واعتصمي بالصبر واليقين، وتذكري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ادْعُو الَّلهَ وَأَنتُم مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ، وَاعلَمُوا أَنَّ الَّلهَ لَا يَستَجِيبُ دُعَاءً مِن قَلبٍ غَافِلٍ لَاهٍ) رواه الترمذي (٣٤٧٩) وحسنه الشوكاني في "تحفة الشاكرين" (٦٨) والألباني في "السلسلة الصحيحة" (٥٩٤) .

وانظري الأسئلة رقم (٣٤٧٦) (٢٠١٧٦) (٢١٥٨١) .

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>