للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأم أحق بحضانة ابنها المعتوه ولو كان كبيرا ما لم تتزوج

[السُّؤَالُ]

ـ[طُلقت منذ ما يقارب سنتين ولدي ثلاثة أولاد: الأول عمره ١٩ سنة والثانية عمرها ١٧ سنة والثالث عمره ١٦ سنة، الحمد لله الاثنان الأولان مختلان عقلياً وقد أمضيت حياتي أعتني بهم طوال الوقت حتى اللحظة، لديهم دعم مالي حكومي بما يعني أنهم مكفيون مالياً والحمد لله. الآن بعد أن تطلقت يجلسون عند أبيهم طوال الشهر ما عدا عشرة أيام يأتون ليجلسوا معي، خلال بقية المدة أذهب إلى بيت أبيهم والذي يذهب إلى العمل فأقوم برعايتهم. سؤالي هو: هل لي حق كفالة أو حضانة هؤلاء الأولاد وأن يبقوا معي طوال الوقت؟ وما الحكم لو تزوجت، فأنا أعلم أن الأم إذا تزوجت فإن الحضانة تنتقل إلى الأب لكن هؤلاء معاقون وأنا الوحيدة القادرة على رعايتهم كما ينبغي، فهل لي الحق والحالة هذه أن يبقوا معي؟ وهل يجوز لي أن أتصرف في بعض المال الذي يحصلون عليه؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

المقصود بالحضانة حفظ المحضون والقيام بمصالحه.

والمحضون: هو من لا يستقل بأمور نفسه عما يؤذيه لعدم تمييزه كطفل، وكبير مجنون أو معتوه.

جاء في الموسوعة الفقهية (١٧/٣٠١) :

" تَثْبُتُ الْحَضَانَةُ عَلَى الصَّغِيرِ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ - الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ - بِالنِّسْبَةِ لِلْبَالِغِ الْمَجْنُونِ وَالْمَعْتُوهِ " انتهى.

وقال الحجاوي في "زاد المستقنع" (ص ٢٠٦) في باب الحضانة:

" تجب لحفظ صغير ومعتوه ومجنون " انتهى.

والأم أحق بحضانة ولدها الصغير والمجنون من الأب.

قال المرداوي في "الإنصاف" (٩/٤١٦) :

" وأحق الناس بحضانة الطفل والمعتوه أمه بلا نزاع " انتهى.

وقال ابن قدامة في "المغني" (٨/١٩٢) :

" إِنَّمَا يُخَيَّرُ الْغُلَامُ [يعني: يخير بين أبويه إذا بلغ سبع سنوات] بِشَرْطَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَا جَمِيعًا مِنْ أَهْلِ الْحَضَانَةِ , فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْحَضَانَةِ , كَانَ كَالْمَعْدُومِ , وَيُعَيَّنُ الْآخَرُ.

الثَّانِي: أَنْ لَا يَكُونَ الْغُلَامُ مَعْتُوهًا , فَإِنْ كَانَ مَعْتُوهًا كَانَ عِنْدَ الْأُمِّ , وَلَمْ يُخَيَّرْ ; لِأَنَّ الْمَعْتُوهَ بِمَنْزِلَةِ الطِّفْلِ وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا , وَلِذَلِكَ كَانَتْ الْأُمُّ أَحَقَّ بِكَفَالَةِ وَلَدِهَا الْمَعْتُوهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ، وَلَوْ خُيِّرَ الصَّبِيُّ , فَاخْتَارَ أَبَاهُ , ثُمَّ زَالَ عَقْلُهُ , رُدَّ إلَى الْأُمِّ , وَبَطَلَ اخْتِيَارُهُ ; لِأَنَّهُ إنَّمَا خُيِّرَ حِينَ اسْتَقَلَّ بِنَفْسِهِ , فَإِذَا زَالَ اسْتِقْلَالُهُ بِنَفْسِهِ , كَانَتْ الْأُمُّ أَوْلَى ; لِأَنَّهَا أَشْفَقُ عَلَيْهِ , وَأَقْوَمُ بِمَصَالِحِهِ , كَمَا فِي حَالِ طُفُولِيَّتِهِ " انتهى.

فعلى هذا، أنت أحق من زوجك بحضانة أولادك المرضى عقلياً، ما لم تتزوجي، أما إذا تزوجت، فالأب أحق بحضانة أولاده.

قال ابن قدامة في "المغني" (٨/١٩٤) :

" الأم إذا تزوجت سقطت حضانتها، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ عَلَى هَذَا كُلُّ مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ... لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم لِلْمَرْأَةِ: (أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ , مَا لَمْ تَنْكِحِي) وَلِأَنَّهَا إذَا تَزَوَّجَتْ , اشْتَغَلَتْ حُقُوقُ الزَّوْجِ عَنْ الْحَضَانَةِ " انتهى.

فإذا سقط حق الأم في الحضانة بزواجها، فإنه ينتقل لمن بعدها، وفي تعيين الأحق بعد الأم خلاف بين الفقهاء، والصحيح أن الأب هو الأحق بعد الأم، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، ورجحه الشيخ ابن عثيمين.

انظر: "الشرح الممتع" (١٣/٥٣٥) .

ولا بد قبل ذلك كله من مراعاة المقصود من الحضانة، وهو القيام على شؤون المحضون، وحفظه ورعايته، فإذا كان الأب سيضيع أولاده وكان بقاؤهم مع الأم أصلح لهم بقوا مع الأم، والذي يحكم في ذلك هو القاضي الشرعي، وما دام لا وجود للمحاكم الشرعية في بلادكم، فليس أمامك إلا الاتفاق مع أبيهم على ذلك، أو رفع الأمر إلى المركز الإسلامي في مدينتكم وهم يقومون بما يستطيعون لحل هذه المشكلة.

ثانياً:

أما تصرفك في المال الذي يحصلون عليه.

فإن كنت محتاجة، فلا حرج عليك في ذلك، أما إذا كانت أموالك تكفيك ولست بحاجة إلى أموالهم، فالأولى لك الاستعفاف عن أموالهم، لقول الله تعالى في أكل ولي اليتيم من مال اليتيم: (وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) النساء/٦.

ولأنك إذا كنت فقيرة فنفقتك واجبة عليهم في أموالهم.

ونسأل الله تعالى أن ييسر لك الخير حيث كان.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>