للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حكم مساعدة الزوجة الأولي في رعاية أولادها في نوبة الأخرى

[السُّؤَالُ]

ـ[لقد اكتشفت مؤخراً أني حامل في طفلي السادس كما أن زوجي قد تزوج بامرأة أخرى مؤخراً، ولأني في المراحل الأولى من الحمل أكون دائما متعبة ولا أطيق اشتمام أي رائحة مما يجعل من الصعب عليّ أن أقوم بالطهي، كما أشعر بأني أهمل في أولادي، لذلك فإني أطلب منه أن يساعدني حتى وإن لم يكن في أيام قسمتي، لكن يقول إنه لن يساعدني في رعاية الأولاد الخمسة ما لم تكن مساعدته لي في أيام قسمتي، فما أريده الآن هو أن أعرف هل ما يقوم به صواب أم خطأ؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

الْقَسْمِ بَيْنَ الزَّوْجَتَيْنِ َهُوَ: "تَوْزِيعُ الزَّمَانِ عَلَى زَوْجَاتِهِ، إِنْ كُنَّ ثِنْتَيْنِ فَأَكْثَرَ" انتهى من "كشاف القناع" (٥/١٩٨) .

وقد " اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الرَّجُل - إِنْ كَانَ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ زَوْجَةٍ - أَنْ يَعْدِل فِي الْقَسْمِ بَيْنَ زَوْجَاتِهِ، وَأَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَهُنَّ فِيهِ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ مِنَ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَل بِهَا فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) ، وَلَيْسَ مَعَ عَدَمِ التَّسْوِيَةِ فِي الْقَسْمِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ مُعَاشَرَةٌ لَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ".

"الموسوعة الفقهية" (٣٣/١٨٣) .

" وَالْعَدْل الْوَاجِبُ فِي الْقَسْمِ يَكُونُ فِيمَا يَمْلِكُهُ الزَّوْجُ وَيَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنَ الْبَيْتُوتَةِ وَالتَّأْنِيسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، أَمَّا مَا لَا يَمْلِكُهُ الزَّوْجُ وَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ كَالْوَطْءِ وَدَوَاعِيهِ، وَكَالْمَيْل الْقَلْبِيِّ وَالْمَحَبَّةِ. . فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ الْعَدْل بَيْنَ الزَّوْجَاتِ فِي ذَلِكَ ".

"الموسوعة الفقهية" (٣٣/١٨٥) .

" وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي خُرُوجِ الزَّوْجِ فِي نَوْبَةِ إِحْدَى زَوْجَاتِهِ - لَيْلاً أَوْ نَهَارًا - وَدُخُولِهِ عَلَى غَيْرِهَا كَذَلِكَ لَيْلاً أَوْ نَهَارًا، وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ:

فقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: لَيْسَ لِلزَّوْجِ دُخُولٌ فِي نَوْبَةِ زَوْجَةٍ عَلَى غَيْرِهَا لَيْلاً، لِمَا فِيهِ مِنْ إِبْطَال حَقِّ صَاحِبَةِ النَّوْبَةِ، إِلَاّ لِضَرُورَةٍ كَمَرَضِهَا الْمَخُوفِ وَشِدَّةِ الطَّلْقِ وَخَوْفِ النَّهْبِ وَالْحَرْقِ، وَحِينَئِذٍ إِنْ طَال مُكْثُهُ عُرْفًا قَضَى لِصَاحِبَةِ النَّوْبَةِ مِنْ نَوْبَةِ الْمَدْخُول عَلَيْهَا مِثْل مُكْثِهِ، وَإِنْ لَمْ يَطُل مُكْثُهُ فَلَا يَقْضِي.

وَإِنْ دَخَل الزَّوْجُ فِي نَوْبَةِ إِحْدَى زَوْجَاتِهِ عَلَى غَيْرِهَا نَهَارًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِحَاجَةٍ؛ لأَِنَّهُ يُتَسَامَحُ فِيهِ مَا لَا يُتَسَامَحُ فِي اللَّيْل، فَيَدْخُل لِوَضْعِ مَتَاعٍ وَنَحْوِهِ كَتَسْلِيمِ نَفَقَةٍ وَتَعَرُّفِ خَبَرٍ وَعِيَادَةٍ. . لِحَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا: وَكَانَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَلَّ يَوْمٌ إِلَاّ وَهُوَ يَطُوفُ عَلَيْنَا جَمِيعًا، فَيَدْنُو مِنْ كُل امْرَأَةٍ مِنْ غَيْرِ مَسِيسٍ، حَتَّى يَبْلُغَ إِلَى الَّتِي هُوَ يَوْمُهَا فَيَبِيتُ عِنْدَهَا.

فَإِذَا دَخَل لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَطُل مُكْثُهُ عَنْ قَدْرِ الْحَاجَةِ وَلَمْ يُجَامِعْ.

وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: يَلْزَمُ الزَّوْجَ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ زَوْجَاتِهِ فِي اللَّيْل.

وَالنَّوْبَةُ لَا تَمْنَعُ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى الأُْخْرَى لِيَنْظُرَ فِي حَاجَتِهَا وَيُمَهِّدَ أُمُورَهَا، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ " أَنَّهُنَّ كُنَّ يَجْتَمِعْنَ كُل لَيْلَةٍ فِي بَيْتِ الَّتِي يَأْتِيهَا "

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لا يَدْخُل الزَّوْجُ فِي يَوْمِ إِحْدَى زَوْجَاتِهِ عَلَى ضَرَّتِهَا، أَيْ يُمْنَعُ، إِلَاّ لِحَاجَةٍ غَيْرِ الاِسْتِمْتَاعِ كَمُنَاوَلَةِ ثَوْبٍ وَنَحْوِهِ فَيَجُوزُ لَهُ".

"الموسوعة الفقهية" (٣٣/١٩٥-١٩٧) .

وقال البهوتي الحنبلي: "ويحرم أن يدخل إلى غير ذات ليلة إلا لضرورة، وفي نهارها إلا لحاجة". "الروض المربع" (٦/٤٤٩) .

وقال ابن قدامة في "المغني" (٧/٢٣٤) :

" وَأَمَّا الدُّخُولُ عَلَى ضَرَّتِهَا فِي زَمَنِهَا: فَإِنْ كَانَ لَيْلًا لَمْ يَجُزْ إلَّا الضَّرُورَةُ , مِثْلُ أَنْ تَكُونَ مَنْزُولًا بِهَا , فَيُرِيدُ أَنْ يَحْضُرَهَا , أَوْ تُوصِي إلَيْهِ , أَوْ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ , فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ , وَلَمْ يَلْبَثْ أَنَّ خَرَجَ , لَمْ يَقْضِ. وَإِنْ أَقَامَ وَبَرِئَتْ الْمَرْأَةُ الْمَرِيضَةُ , قَضَى لِلْأُخْرَى مِنْ لَيْلَتِهَا بِقَدْرِ مَا أَقَامَ عِنْدَهَا.

وَأَمَّا الدُّخُولُ فِي النَّهَارِ إلَى الْمَرْأَةِ فِي يَوْمِ غَيْرِهَا , فَيَجُوزُ لِلْحَاجَةِ , مِنْ دَفْعِ النَّفَقَةِ , أَوْ عِيَادَةٍ , أَوْ سُؤَالٍ عَنْ أَمْرٍ يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَتِهِ , أَوْ زِيَارَتِهَا لِبُعْدِ عَهْدِهِ بِهَا , وَنَحْوُ ذَلِكَ ; لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ , قَالَتْ: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْخُلُ عَلَيَّ فِي يَوْمِ غَيْرِي , فَيَنَالُ مِنِّي كُلَّ شَيْءٍ إلَّا الْجِمَاعَ) وَإِذَا دَخَلَ إلَيْهَا لَمْ يُجَامِعْهَا , وَلَمْ يُطِلْ عِنْدَهَا ; لِأَنَّ السَّكَنَ يَحْصُلُ بِذَلِكَ , وَهِيَ لَا تَسْتَحِقُّهُ ... فَإِنْ أَطَالَ الْمُقَامَ عِنْدَهَا , قَضَاهُ" انتهى

وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: عن رجل تزوج بامرأة أخرى على زوجته، والزوجة الأولى مريضة، وقد وضع لكل منهما سكنا، ويقول: لا أجد عناية في البيت القديم، وأجد خدمة في البيت الأخير، فهل أنا آثم إذا جلست في البيت الأخير أكثر لسبب الخدمة، وهل أنا آثم إذا نمت أكثر عند الأخيرة، وليس قصدي شيئا إلا ما ذكرت من عدم الصحة؟

فأجابوا:

"العدل بين الزوجات واجب في المسكن والمأكل والملبس والمبيت، هذا هو الأصل، وعليك أن تتقي الله ما استطعت وتعدل بينهما، وإذا كنت تريد أن ترجح واحدة على الأخرى للأسباب التي ذكرتها فيجب أن تستبيح الزوجة الأخرى" انتهى.

"فتاوى اللجنة الدائمة" (١٩/١٧٩-١٨٠) .

وسئل الشيخ ابن عثيمين:

ما حكم الذهاب إلى الزوجة الثانية في يوم الزوجة الأولى لتعليم أولاد الثانية في النهار - إذا رجعوا من المدرسة - لكي يدرّسهم؟

فأجاب:

" لا يجوز، هذا حرام ".

سؤال:

لكن لهم حاجة في التدريس؟

فأجاب:

" يأتي بهم للزوجة صاحبة اليوم " انتهى.

وانظر جواب السؤال رقم: (٤٠٣١) .

وقال الشيخ السعدي:

" أما تحريم الدخول إلى غير صاحبة الليلة إلا لضرورة في الليل، أو لحاجة في النهار، فالصواب في هذا الرجوع إلى عادة الوقت، وعُرف الناس، وإذا كان دخوله على الأخرى ليلاً أو نهاراً لا يعده الناس جوراً ولا ظلماً، فالرجوع إلى العادة أصل كبير في كثير من الأمور خصوصاً في المسائل التي لا دليل عليها، وهذه من هذا الباب" انتهى.

"فتاوى المرأة المسلمة" (٢/٦٩٣) جمع أشرف بن عبد المقصود.

وانظر جواب السؤال رقم: (١١١٩١٢) .

والخلاصة:

- يجوز للزوج تفقد أحوال وجته وأولادها في نوبة الأخرى، دون أن يمكث عندها وقتا طويلاً.

- يمكنه مراعاة أحوال أولاده، والعناية بهم في يوم نوبة الأخرى عن طريق أخذهم إلى بيت صاحبة النوبة.

- استئذان الزوجة الأخرى، وتطييب خاطرها، لتوافق على مكثه أحيانا في بيت أختها فوق المعتاد لمراعاة مصالح أولاده.

فالذي يظهر لنا أن تصرف زوجك صحيح، وإذا أراد أن يمكث عندك وقتاً طويلاً في غير أيام قسمتك فلابد من استئذان زوجته الأخرى ورضاها بذلك.

ونسأل الله تعالى أن يعينك على تربية الأولاد ويوفقك لكل خير.

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>