للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مات ولم يحج فحج شخص عنه من تركته قبل أن يعلم بوجود وارث له

[السُّؤَالُ]

ـ[كان لي صديق وله مال ولكن ليس له ورثة، وعندما توفي قررت أن أحج عنه من ماله؛ لأنه مات ولم يحج، ولكن بعد فترة من الزمن تبين أنه له ابن عم فقط، فما حكم ذلك المال الذي حججت به عن هذا الشخص؟ وهل علي أن أرده إلى ابن عمه الذي يرثه؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

من كان لديه مال فاضل عن نفقته ونفقة عياله، يكفي لحجه، لزمه أن يحج بنفسه، فإن كان عاجزا لمرض أو كبر، لزمه أن ينيب من يحج عنه بماله، فإن مات ولم يحج، وجب أن يخرج من تركته ما يحج به عنه؛ لأن الحج دين في ذمته، ودين الله أحق بالقضاء، كما روى النسائي (٢٦٣٩) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبِي مَاتَ وَلَمْ يَحُجَّ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: (أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكَ دَيْنٌ أَكُنْتَ قَاضِيَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ) ، والحديث صححه الألباني في صحيح النسائي.

قال ابن قدامة رحمه الله: " متى توفي من وجب عليه الحج ولم يحج , وجب أن يخرج عنه من جميع ماله ما يحج به عنه ويعتمر , سواء فاته بتفريط أو بغير تفريط، وبهذا قال الحسن , وطاوس , والشافعي....

لما روى ابن عباس , (أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن أبيها , مات ولم يحج؟ قال: حجي عن أبيك) ، وعنه: (أن امرأة نذرت أن تحج , فماتت , فأتى أخوها النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن ذلك؟ فقال: أرأيت لو كان على أختك دين , أما كنت قاضيه؟ قال: نعم. قال: فاقضوا دين الله , فهو أحق بالقضاء) رواهما النسائي، ولأنه حق استقر عليه تدخله النيابة , فلم يسقط بالموت كالدين " انتهى من "المغني" (٣/١٠١) مختصرا.

وأما إن كان في حياته لا يملك نفقة الحج الفاضلة عن نفقته ونفقته عياله، فالحج لم يجب عليه، ولا يجب الحج عنه، إلا إن تبرع أحد بذلك.

سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: لي ابن أخ أصيب بمرض السرطان -أعيذكم بالله من ذلك وجميع المسلمين- وتوفي هذا العام وعمره تسع عشرة سنة ولم يؤد فريضة الحج، علماً بأنه أصيب بهذا المرض منذ خمس سنوات، فهل نحج عنه؟ وهل هناك كفارة؟

فأجاب:

" لا بد أن نسأله: هل هذا الشاب عنده مال يستطيع أن يحج به؟ إن كان الأمر كذلك فلا بد أن يحج عنه، وإذا لم يكن عنده مال فالحج ليس بواجب عليه وقد مات بريئاً من الفريضة، لكن إن أرادوا أن يتطوعوا ويحجوا عنه فلا حرج " انتهى من "اللقاء الشهري" (٦٢/٥) .

وبناء على ذلك؛ فما دام الرجل الذي توفي كان عنده من المال ما يكفي للحج، فالحج كان واجباً عليه، فما فعله السائل من الحج عنه عمل صحيح، وهو مقدم على حق الوارث في التركة، لكن ينبغي إعلام الوارث بذلك، حتى لا يحج عنه مرة أخرى، وهو يظن أن ذلك واجب عليه.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>