أحوال وأحكام من قصد " جدة " لعمل أو زيارة ثم اعتمر
[السُّؤَالُ]
ـ[سافر أبي من الأردن إلى جدة لمؤتمر له هناك، وقيل لهم: إنهم سوف يؤدون العمرة بعد أن يبيتوا ليلة أو ليلتين في جدة بعد انتهاء المؤتمر، وفي الطائرة أعلن عن وصول الميقات لمن أراد أن يحرم، ولم يحرم، ولكن عندما وصل جدة تفاجأ أن البرنامج قد تغير، وأنه في ليلة وصولهم عليهم أداء العمرة، فأحرم من جدة، وأدَّى العمرة، ولم يخرج كفارة، هل عليه شيء؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يخلو من قصد جدة للعمل، واعتمر من حالين:
الأولى: أن ينوي العمرة قبل وصوله لها، فيكون في سفره إلى جدة قاصداً العمل والعمرة معاً، بقطع النظر أيهما يكون أولاً.
والثانية: أن يقصد جدة ولم ينو العمرة، ثم يبدو له أن يعتمر.
ففي الحال الأولى يجب عليه أن يُحرم من الميقات، ثم يقضي عمله في جدة، ثم يعتمر، والأفضل له أن يبدأ بالاعتمار.
فإن تعذر عليه أن يبدأ بالعمرة، وشق عليه أن يبقى أياما في جدة بثياب الإحرام فله ألا يحرم من الميقات عند مروره عليه، لكن إذا أراد الإحرام بالعمرة بعد انتهاء عمله في جدة وجب عليه أن يخرج إلى الميقات ليحرم منه، فإن لم يفعل وأحرم من جدة، فقد ترك واجباً من واجبات الإحرام، ويجب عليه أن يذبح شاة في مكة ويوزعها على فقراء الحرم.
وأما الحال الثانية: فلا يلزمه أن يُحرم في الميقات؛ لأنه لا يقصد العمرة أصلاً، ولو نوى العمرة بعد انتهاء عمله في جدة: فإنه يُحرم من مكانه في جدة.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
إنني في عطلة الربيع الماضية اصطحبت أهلي وأولادي بنية زيارة أختي في الطائف، ونأخذ عمرة والعلاج في جدة، هذه هي النية أساساً، الذي حصل أننا أقمنا في الطائف يوماً، ثم ذهبنا إلى جدة مارين بمكة ولم نحرم من السيل، حيث كنت أعتقد أن ما في ذلك شيء، فأخرنا العمرة حتى العودة من جدة، وفعلاً بعد انتهائنا من جدة أحرمنا بالعمرة، ... فأرجو من سماحتكم توجيهنا للصواب، وماذا يترتب علينا؟ .
فأجابوا:
" الواجب على مَن نوى العمرة ثم مرَّ بالميقات: أن يُحرم منه، ولا يجوز له مجاوزته بدون إحرام، وحيث لم تحرموا من الميقات: فإنه يجب على كل منكم دم، وهو ذبح شاة تجزئ في الأضحية تُذبح بمكة المكرمة، وتقسم على فقرائها، ولا تأكلوا منها شيئاً " انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (١١ / ١٧٦، ١٧٧) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: مَن سافر مِن بلده إلى جدة ثم أراد العمرة فهل يحرم من جدة؟
فأجاب:
" لا يخلو الأمر مِن حالين:
١. أن يكون الإنسان قد سافر إلى جدة بدون نية العمرة، ولكن طرأت له العمرة وهو في جدة: فإنه يُحرم من جدة، ولا حرج في ذلك؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما حين ذكر المواقيت قال: (ومَن كان دون ذلك: فمِن حيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة) .
٢. أن يكون سافر من بلده بنية العمرة عازماً عليها: فإنه يجب في هذه الحالة أن يُحرم من الميقات الذي يمر به، ولا يجوز الإحرام من جدة؛ لأنها دون الميقات، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه وقَّت المواقيت فقال: (هنَّ لهنَّ ولمن مرَّ عليهن مِن غير أهلهن لمن أراد الحج والعمرة) .
فإن أحرم من جدة ونزل إلى مكة في هذه الحال: فإن عليه عند أهل العلم فدية، دماً يذبحه في مكة، ويتصدق به على الفقراء، وعمرته صحيحة، فإن لم يحرم من جدة بعد وصوله إليها، وهو ناوٍ العمرة قبل وصوله: فإنه يرجع إلى الميقات، ويحرم منه، ولا شيء عليه.
"فتاوى أركان الإسلام " (السؤال رقم ٤٦٧) .
وسئل الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله:
القادم بالطائرة من الرياض، ويريد العمرة ومرَّ بمدينة جدة لزيارة بعض الأهل، أو الأصدقاء ليوم أو ليومين، هل يلزمه أن يحرم مما يحاذي الميقات من الجو؟
فأجاب:
" يجب عليه أن يحرم من هذا الميقات إذا مرَّ به أو مرَّ محاذياً له من الأرض أو من الجو، فإنه لا يتجاوزه إلا بإحرام، فالذي يذهب بالطائرة يتهيأ للإحرام قبل الركوب بما يريد أن يتهيأ به، وإذا حاذى الميقات إما أن يسأل الملاحين أو هم يعلنون ذلك للناس أو هو يحتاط ويحرم إذا غلب على ظنه بأنه قرب من الميقات، فيحرم من الجو، أما أن يتعداه إلى أن ينزل في مطار جدة: فهذا خطأ، وإذا فعل هذا فيكون عليه دم " انتهى بتصرف.
وسئل – حفظه الله -:
حتى لو كان سيبقى في جدة ليوم أو ليومين للزيارة؟ .
فأجاب:
" ولو كان، سيبقى في جدة ليوم أو ليومين إن أراد أن يبقى في جدة قبل أداء النسك، يبقى في إحرامه، وإن نزل إلى مكة وأدَّى النسك ثم رجع إلى جدة إلى عمله: فهذا أحسن؛ لأن المبادرة بأداء النسك أحسن، يعني: ما دام نوى العمرة لا يجوز له أن يتعدى الميقات إلا بإحرام، لا شك في هذا، ثم هو بعد ذلك هو في خيار، إن شاء بقي في جدة بإحرامه، وإن شاء نزل إلى مكة، وعاد إلى جدة لعمله " انتهى.
" المنتقى من فتاوى الفوزان " (٤ / ١١٩، ١٢٠، السؤال رقم ١١٨ و ١١٩) .
والخلاصة:
إذا كان والدك في سفره من الأردن إلى جدة ناوياً للعمرة – وهذا هو الظاهر -، فكان الواجب عليه أن يحرم من الميات أو يخرج من جدة للإحرام من الميقات، وبما أنه لم يفعل واحداً من الأمرين، فعليه أن يذبح شاة في مكة ويوزعها على الفقراء، فإن كان قد غادر مكة ورجع إلى الأردن، فيبحث عمن يرسل له الأموال ويوكله في الذبح في مكة.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب