للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حكم لبس النساء الكوفية الفلسطينية أو الغترة أو الشماغ

[السُّؤَالُ]

ـ[هل يجوز للفتاة لبس الكوفية الفلسطينية كشال حول رقبتها؟ ليس بنية التشبه بالرجال بل بنية نشر الثقافة الفلسطينية بين أقرانها،، لأن الكوفية تعتبر رمز للكفاح والنضال والثورة،، علماً بأن الكوفية هي تلك القطعة البيضاء والسوداء والتي يلبسها كبار السن في فلسطين تشبه الغترة السعودية،، أفيدوني جزآكم الله خير]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

الكوفية الفلسطينة والغترة السعودية كلاهما من اللباس الخاص بالرجال، فلا يجوز لبسه للفتاة، أو وضعه حول رقبتها، ولو كان القصد نشر الثقافة كما ذكرت؛ لأن لبسها للكوفية تشبه بالرجال. ولا يشترط في تحريم التشبه أن يقصد الإنسان التشبه، فما كان من خصائص الرجال حرم لبسه للنساء، وكذلك العكس.

ومعلوم أن الرجال يلبسون هذه الكوفية على رؤوسهم، أو يضعونها حول رقابهم، وكذلك الغترة والشماغ.

وقد روى البخاري (٥٤٥٣) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: (لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنْ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ) .

ومن كلام أهل العلم في أن ما حصل به التشبه لا يشترط فيه قصد التشبه: قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "مع أن قوله صلى الله عليه وسلم: (غيروا الشيب، ولا تشبهوا باليهود) دليل على أن التشبه بهم يحصل بغير قصد منا، ولا فعل، بل بمجرد ترك تغيير ما خلق فينا " انتهى من "اقتضاء الصراط المستقيم" ص ٨٣ تحقيق محمد حامد الفقي.

وقال أيضا: "وكذلك ما نهى عنه من مشابهتهم يعم ما إذا قصدت مشابهتهم أو لم تقصد، فإن عامة هذه الأعمال لم يكن المسلمون يقصدون المشابهة فيها، وفيها مالا يتصور قصد المشابهة فيه، كبياض الشعر، وطول الشارب، ونحو ذلك" انتهى، ص ١٧٨.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "وليُعلم أن التشبه لا يكون بالقصد، وإنما يكون بالصورة، بمعنى: أن الإنسان إذا فعل فعلاً يختص بالكفار وهو من ميزاتهم وخصائصهم فإنه يكون متشبهاً بهم، سواء قصد بذلك التشبه أم لم يقصده، وكثير من الناس يظن أن التشبه لا يكون تشبهاً إلا بالنية، وهذا غلط، لأن المقصود هو الظاهر".

وقال: "فإذا قصت المرأة رأسها حتى يكون كرأس الرجل صارت متشبهة بالرجل سواء قصدت التشبه أو لم تقصد؛ لأن ما حصل به التشبه لا يشترط فيه نية التشبه، إذ التشبه تحصل صورته ولو بلا قصد، فإذا حصلت صورة التشبه كانت ممنوعة، ولا فرق في هذا بين التشبه بالكفار، أو تشبه المرأة بالرجل، أو الرجل بالمرأة، فإنه لا يشترط فيه نية التشبه ما دام وقع على الوجه المشبه ".

وقال: " وقول السائل: إنها لا تريد التشبه، ينبغي أن يعلم أنه إذا حصلت المشابهة حيث لا تحل فإنه لا يشترط فيها القصد، لأن المشابهة صورة شيءٍ على شئ، فلا يشترط فيها القصد، فإذا وقعت المشابهة على وجهٍ محرم فإنها ممنوعة، سواءٌ قصد ذلك الفاعل أم لم يقصده، وكثيرٌ من الناس يظنون أن المشابهة المحرمة لا تكون محرمةً إلا بالنية والقصد وهذا خطأ، بل متى حصلت صورة المشابهة المحرمة كانت محرمة سواءٌ قصد الفاعل هذه المشابهة أم لم يقصدها " انتهى جميعه من "فتاوى نور على الدرب".

وينظر أيضا: "الشرح الممتع" (٥/٢٩) .

والحاصل: أنه لا يجوز للفتيات لبس "الكوفية الفلسطينية" ولا "الشماغ" مهما كان لونه؛ لما فيه من التشبه بالرجال، سواء قصدن التشبه أو قصدن غيره.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>