شرح حديث " صنفان من أهل النار لم أرهما ... "
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت جوابًا على أحد الأسئلة ولم أستطع فهم الحديث الذي ذكرتموه هناك، رقم السؤال ١٠٢٢١، حيث قلتم: فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " صنفان من أهل النار لم أرهما بعد: رجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات على رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجد ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا " رواه أحمد ومسلم في الصحيح. أرجو تفسير هذا الحديث شيئًا ما حتى أفهمه؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذا الحديث فيه إخبار عن صنفين من الناس لم يرهما النبي صلى الله عليه وسلم، يظهران بعد مضي زمنه صلى الله عليه وسلم ويكون مصيرهما إلى النار لعصيانهما، وقد عدَّ العلماء ظهورَ هذين الصنفين من أشراط الساعة الصغرى، وهما:
الصنف الأول: رجال معهم سياط ... ، والمراد بهم من يتولى ضرب الناس بغير حق من ظَلَمَة الشُّرَط أو من غيرهم، سواء كان ذلك بأمر الدولة أو بغير أمر الدولة.
قال النووي: " فأما أصحاب السياط فهم غلمان والي الشرطة " شرح النووي على صحيح مسلم ١٧/١٩١. وقال السخاوي: " وهم الآن أعوان الظلمة ويطلق غالبا على أقبح جماعة الوالي، وربما توسع في إطلاقه على ظلمة الحكام ". الإشاعة لأشراط الساعة ص ١١٩. والدليل على كون ظهورهم من أشراط الساعة روايةُ الإمام أحمد وفيها " يخرج رجال من هذه الأمة في آخر الزمان معهم أسياط كأنها أذناب البقر، يغدون في سخط الله ويروحون في غضبه ". المسند ٥/٣١٥. صححه الحاكم في المستدرك ٤/٤٨٣ وابن حجر في القول المسدد في الذب عن المسند ص٥٣-٥٤.
الصنف الثاني: نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات على رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة.
قال النووي في المراد من ذلك: " أَمَّا (الْكَاسِيَات العاريات) فمَعْنَاهُ تَكْشِف شَيْئًا مِنْ بَدَنهَا إِظْهَارًا لِجَمَالِهَا , فَهُنَّ كَاسِيَات عَارِيَات. وقيل: يَلْبَسْنَ ثِيَابًا رِقَاقًا تَصِف مَا تَحْتهَا , كَاسِيَات عَارِيَات فِي الْمَعْنَى. وَأَمَّا (مَائِلات مُمِيلات) : فَقِيلَ: زَائِغَات عَنْ طَاعَة اللَّه تَعَالَى , وَمَا يَلْزَمهُنَّ مِنْ حِفْظ الْفُرُوج وَغَيْرهَا , وَمُمِيلَات يُعَلِّمْنَ غَيْرهنَّ مِثْل فِعْلهنَّ , وَقِيلَ: مَائِلَات مُتَبَخْتِرَات فِي مِشْيَتهنَّ , مُمِيلات أَكْتَافهنَّ , وَقِيلَ: مَائِلات إِلَى الرِّجَال مُمِيلات لَهُمْ بِمَا يُبْدِينَ مِنْ زِينَتهنَّ وَغَيْرهَا. وَأَمَّا (رُءُوسهنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْت) فَمَعْنَاهُ: يُعَظِّمْنَ رُءُوسهنَّ بِالْخُمُرِ وَالْعَمَائِم وَغَيْرهَا مِمَّا يُلَفّ عَلَى الرَّأْس , حَتَّى تُشْبِه أَسْنِمَة الإِبِل الْبُخْت , هَذَا هُوَ الْمَشْهُور فِي تَفْسِيره , قَالَ الْمَازِرِيّ: وَيَجُوز أَنْ يَكُون مَعْنَاهُ يَطْمَحْنَ إِلَى الرِّجَال وَلا يَغْضُضْنَ عَنْهُمْ , وَلا يُنَكِّسْنَ رُءُوسهنَّ.... " شرح النووي على صحيح مسلم ١٧/١٩١. باختصار
قال الشيخ بن عثيمين: " قد فُسِّر قوله " كاسيات عاريات ": بأنهن يلبسن ألبسة قصيرة، لا تستر ما يجب ستره من العورة، وفسر: بأنهن يلبسن ألبسة خفيفة لا تمنع من رؤية ما وراءها من بشرة المرأة، وفسرت: بأن يلبسن ملابس ضيقة، فهي ساترة عن الرؤية لكنها مبدية لمفاتن المرأة ". فتاوى الشيخ محمد بن عثيمين ٢/٨٢٥.
وفي الحديث الترهيب والوعيد الشديد من فعل هاتين المعصيتين:
١- ظلم الناس وضربهم بغير حق.
٢- تبرج المرأة وإظهارها مفاتنها وعدم التزامها بالحجاب الشرعي والخلق الإسلامي النبيل.
وهَذَا الْحَدِيث مِنْ مُعْجِزَات النُّبُوَّة , فَقَدْ وَقَعَ هَذَانِ الصِّنْفَانِ , وَهُمَا مَوْجُودَانِ. كما قال النووي رحمه الله.
يراجع للأهمية جواب سؤال رقم (١٤٦٢٧) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب