سبب عدم وجود صورة للنبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا لا توجد أي صورة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم في أي مكان في العالم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
جاءت الشريعة بسدِّ كلِّ باب يُوصِل إلى الشِّرك بالله، ومن هذه الوسائل التصوير فقد جاءت الشريعة بتحريم الصورة، ولعن من يفعل ذلك بل جاء الوعيد الشديد لمن فعل ذلك، فعَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتَا كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِالْحَبَشَةِ فِيهَا تَصَاوِيرُ فَذَكَرَتَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: (إِنَّ أُولَئِكَ إِذَا كَانَ فِيهِمْ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ فَأُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) رواه البخاري (الصلاة/٤٠٩) ، وعن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سَفَرٍ وَقَدْ سَتَرْتُ بِقِرَامٍ لِي عَلَى سَهْوَةٍ لِي فِيهَا تَمَاثِيلُ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَتَكَهُ وَقَالَ أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ قَالَتْ فَجَعَلْنَاهُ وِسَادَةً أَوْ وِسَادَتَيْنِ) رواه البخاري (اللباس/٥٤٩٨) ، وعن عبد الله بن مسعود قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُصَوِّرُونَ) رواه البخاري (اللباس/٥٤٩٤) فكيف يأذن بعمل صورة له، ولذلك لم يجرؤ أحد من الصحابة على رسم صورة له لأنهم يعلمون الحكم بالتحريم.
وحذر الله عز وجل من الغلو فقال: (يا أهل الكتاب لا تغلو في دينكم) النساء /١٧١، وقد حذَّر النبي صلى الله عليه وسلم من أيِّ فِعْلٍ يكون فيه غُلُوّ في حقه صلى الله عليه وسلم، فقال: (لا تُطْرُونِي كما أَطْرَتِ النصارى ابن مريم، إنّما أنا عَبْدٌ، فقولوا عبد الله ورسوله) ، رواه البخاري (أحاديث الأنبياء/٣١٨٩) ، وقد بَوّبَ الإمام محمد بن عبد الوهاب باب: ما جاء أنّ سَبَب كُفْر بني آدم هو الغلو في الصالحين ... قال: " وفي الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قول الله تعالى: (وقالوا لا تَذَرُنَّ آلهَتَكُمْ ولا تَذَرُنَّ وَدّاً ولا سُوَاعاً ولا يَغُوثَ ويَعُوقَ ونَسْراً) نوح/٢٣، قال: هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابا وسموها بأسمائهم. ففعلوا ولم تعبد، حتى إذا هلك أولئك ونسي العلم عبدت "، قال ابن القيم: " قال غير واحد من السلف: لما ماتوا عكفوا على قبورهم ثم صوروا لهم التماثيل ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم " فتح المجيد شرح كتاب التوحيد لعبد الرحمن بن حسن ص/٢١٩.
ولذلك لا توجد صورة للنبي صلى الله عليه وسلم لأنه جاء بالتحذير منها لأنها أدت إلى الشرك.
ومقتضى شهادة أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن نؤمن به وبما جاء به، ولو لم توجد له أي صورة، والمؤمنون لا يحتاجون إلى صورة له حتى يتَّبعوه، ثم إن وصفه الثابت في الروايات الصحيحة يغني عن صورته ومن أوصافه صلى الله عليه وسلم الواردة:
١- كان عليه الصلاة والسلام أحسن الناس وجهاً
٢- كان عريض ما بين المنكبين
٣- ليس بالطويل ولا بالقصير
٤- مستدير الوجه ووجهه مشرب بحمرة.
٥- أدعج العين وهو: الشَّدِيدُ سَوَادِ الْعَيْنِ.
٦- أَهْدَبُ الأَشْفَارِ: الطَّوِيلُ
٧- وَهُوَ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ أَجْوَدُ النَّاسِ كَفَّا وَأَشْرَحُهُمْ صَدْرًا وَأَصْدَقُ النَّاسِ لَهْجَةً وَأَلْيَنُهُمْ عَرِيكَةً وَأَكْرَمُهُمْ عِشْرَةً مَنْ رَآهُ بَدِيهَةً هَابَهُ وَمَنْ خَالَطَهُ مَعْرِفَةً أَحَبَّهُ يَقُولُ نَاعِتُهُ لَمْ أَرَ قَبْلَهُ وَلا بَعْدَهُ مِثْلَهُ
يراجع سنن الترمذي (المناقب/٣٥٧١) وغيره من كتب السنة في وصفه عليه الصلاة والسلام.
ولا شك أن المؤمنين يتمنون لقاء النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك جاء في الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مِنْ أَشَدِّ أُمَّتِي لِي حُبًّا نَاسٌ يَكُونُونَ بَعْدِي يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ رَآنِي بِأهْلِهِ وَمَالِهِ) رواه مسلم (الجنة وصفة نعيمها/٥٠٦٠) ولا شك أن محبته صلى الله عليه وسلم واتباعه سبب للاجتماع به في الجنة، ومن محبته عليه الصلاة والسلام رؤيته في المنام، وتكون رؤيته على صفته الصحيحة فقد ثبت من حديث أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَسَيَرَانِي فِي الْيَقَظَةِ وَلا يَتَمَثَّلُ الشَّيْطَانُ بِي) قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ قَالَ ابْنُ سِيرِينَ إِذَا رَآهُ فِي صُورَتِهِ رواه البخاري (التعبير/٦٤٧٨) . والله الموفق وصلى الله على نبينا محمد.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد