لا يجوز للوالد إجبار ابنه على الزواج ممن لا يرضاها
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي يريد إلزامي بالزواج من ابنة عمي، وأنا لا أريدها، ويقول لي إنني إذا لم أتزوجها سيكون غضبان علي، فهل أكون عاقاً إذا لم أتزوجها؟ وماذا أفعل لو غضب والدي علي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز للوالد أن يجبر ابنه ولا ابنته بالزواج ممن لا يريد، وليتأمل الأب الذي يريد أن يفعل ذلك في حاله، هل كان يقبل أن يجبره أبوه بالزواج ممن لا يريد؟
وليس ذلك من مصلحة الولد في شيء، فإن الزواج إذا لم يكن عن رضى تام، فإنه عرضه للفشل.
وإذا رفض الابن أو البنت تنفيذ رغبة الأب ورفض النكاح ممن يريد الأب، فإنه لا يكون عاقاً بذلك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"وليس للأبوين إلزام الولد بنكاح من لا يريد، فإن امتنع لا يكون عاقاً، كأكل ما لا يريد"
"الاختيارات" (ص ٣٤٤) .
وقد سئل فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: ما الحكم إذا أراد الأب أن يزوج ابنه من امرأة غير صالحة؟ وما الحكم إذا رفض أن يزوجه من امرأة صالحة؟
فأجاب:
" لا يجوز أن يجبر الوالد ابنه على أن يتزوج امرأة لا يرضاها سواء كان لعيب فيها: ديني أو خُلقي أو خْلقي، وما أكثر الذين ندموا حين أجبروا أولادهم أن يتزوجوا بنساء لا يريدوهن، لكن يقول: تزوجها لأنها ابنة أخي، أو لأنها من قبيلتك، وغير ذلك، فلا يلزم الابن أن يقبل، ولا يجوز للوالد أن يجبره عليها.
كذلك لو أراد الولد أن يتزوج بامرأة صالحة، ولكن الأب منعه، فلا يلزم الابن طاعته، فإذا رضى الابن زوجة صالحة، وقال أبوه: لا تتزوج بها، فله أن يتزوج بها ولو منعه أبوه، لأن الابن لا يلزمه طاعة أبيه في شيء لا ضرر على أبيه فيه، وللولد فيه منفعة، ولو قلنا: إنه يلزم الابن أن يطيع والده في كل شيء حتى ما فيه منفعة للولد ولا مضرة فيه على الأب لحصل في هذا مفاسد، ولكن في مثل هذه الحال ينبغي للابن أن يكون لبقاً مع أبيه، وأن يداريه ما استطاع، وأن يقنعه ما استطاع" انتهى.
"فتاوى المرأة المسلمة" (٢/٦٤٠، ٦٤١) . ترتيب أشرف بن عبد المقصود.
وأما غضب والدك عليك فالنصيحة للوالدين ألا يجعلوا بر أولادهم بهما سيفاً مسلطاً على رقاب أولادهم، فيلزمون الأولاد بما لم يريدوا تحت تهديد "سأكون غضبان عليك".
وعليك أن ترفق بوالدك وتكون حكيماً معه حتى تثنيه عن رأيه، وحاول إدخال عقلاء أهلك ليساعدوك في ذلك، كالأخوال والأعمام، فإن أصر على رأيه فلا يلزمك طاعته، ولو غضب عليك، فلا يضرك ذلك لأنه هو الظالم لك حيث يريد إلزامك بما قد يضرك في حياتك ضرراً عظيماً.
ولكن.. عليك بحسن معاملته وصحبته، قال الله تعالى: (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا) لقمان/١٥.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب