للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

استعملت " كريماً " للتبييض فأصابها بأمراض خطيرة

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا فتاة تبلغ من العمر تسعة عشر عاماً، ومريضة منذ عام، ولكني الآن أفضل حالاً، والحمد لله، قبل مرضي لم أكن متدينة، فلم أكن أصلي أو أرتدي الحجاب، ولكني بدأت بعد مرضي في إدراك أشياء تخص العلاقة بيني وبين الله، وقد قرأت على موقعكم أنه يحرم تبييض البشرة، ولكني لم أكن أعلم بذلك من قبل، فقد أتت صديقة أمي لمنزلنا يوماً ما لبيع بعض المنتجات والملابس التى قامت بشرائها من بلد عربى، وأعطتني هذا الكريم الذي يدعى " كريم موفيت "، وشرعت في استخدامه ليلاً ونهاراً، وفي أحد الأيام وأثناء وجودي بدورة المياه قررت أن أستخدمه، وفي أثناء ذلك وضعت بعضاً منه حول فمي، ثم قمت بتنشيف شفتي والمنطقة المحيطة بفمي بمنشفة، ولكنى بدأت ألاحظ بعد ذلك اليوم بيوم أو يومين تغيرات حول شفتي، فقد اختفى خط الشفاه، ولكني قلت لنفسي " بسم الله، لا يستطيع الكريم أن يغيِّر من الهيئة التى خلقني الله عليها "، وبعد ذلك بيوم أو يومين مرضت بشدة وعانيت من التقيؤ والإسهال، وبدأت أرى تغيرات أكثر، وبدأت الحالة تزداد سوءًا، والآن بدأ مظهري كله وجسدي في التغير، وعلى أي حال: فقد حدث كل ذلك منذ عام تقريباً، وتغير مظهري وجسدي كثيراً جدّاً، وفى حقيقة الأمر تغير كل شيء فيَّ، ويبدو أن الكريم قد غيَّرني لدرجة أنني لم أعد أبدو كما كنت، ولم أعد راضية عن نفسي ولا عن الهيئة التي خلقني الله عليها، أعلم أنه من الجائز أن يكون للكريم هذه القدرة على التغيير، ولكني أصبحت محبطة للغاية بسبب هذا الموضوع، لدرجة أنني أعتقد في بعض الأوقات أنني قد دمرت مستقبلي كله، ولقد ذهبت إلى الأطباء الذين أخبروني أنني أعاني من التهاب بالمخ، حسناً نسيتُ أن أخبركم أنه أثناء استخدامي للكريم أدخلتُ بعضاً منه في أنفي وأنهم ما يزالون يجرون لي بعض الفحوصات، ولكنني أعتقد أن هذا الكريم هو سبب مرضي، وما أتساءل عنه الآن هو كيف يمكنني أن أواصل حياتي؟ وإلى الآن ألاحظ على نفسي الكثير من التغيرات، وبدأت في تعلم الكثير عن دين الله، وأعلم الآن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من يقمن بتبييض بشرتهن بغرض التجميل، وليسامحني الله إذا كنت قد أخطأت في هذا الاقتباس، وأشعر أنني قد وصلت إلى مرحلة لا أدري فيها إذا كان بوسعي النهوض مرة أخرى أم لا، وأعلم أيضا أنني قد وصلت إلى هذه الحالة بسبب جهلي، ولكني الآن أحاول أن أعوض هذا الجهل بالمعرفة، وعندما كنت أستخدم هذا الكريم لم أكن أنوي تغيير مظهري، فرجاء هل بوسعكم تقديم النصح لي حول ما يجب عليَّ القيام به؟ وكيف أعود كما خلقني الله مرة أخرى؟ وهل هناك دعاء لذلك؟ .]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

نسأل الله أن يشفيك ويعافيك، ونسأله تعالى أن يُعظم لك الأجر، ونوصيك بالصبر على هذا الابتلاء، واحتساب الأجر عند الله، فالصبر والاحتساب مما يتحقق بهما الأجور العظيمة على الابتلاء بالسراء.

عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ وَلَا هَمٍّ وَلَا حَزَنٍ وَلَا أَذى وَلَا غمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةَ يُشَاكَها إِلَاّ كفَّرَ الله بِهَا مِنْ خَطَايَاه ". رواه البخاري (٥٣١٨) ومسلم (٢٥٧٣) .

واعلمي أيتها الأخت الفاضلة أن رحمة الله وسعت كل شيء، وأن ما فعلتيه من استعمال ذلك " الكريم " – وقد قرأنا حوله أنه خطير، وقد منع من استعماله في بعض الدول - لو كان ذنباً فإنه لا ينبغي لك أن تستبعدي رحمة الله عنك، والله تعالى يقبل توبة عباده المذنبين لو كانوا جاءوا بكبائر تتعدى لغيرهم كالقتل والزنا، ويقبل توبة المشركين والمرتدين وهي متعلقة بالكفر به تعالى، بل إن الله تعالى يبدل سيئاتهم حسنات، فلا وجه لاستبعادك رحمة الله عنك وقد استعملتِ ذلك " الكريم " جهلاً منك بعواقبه، وليس بقصد تغيير خلقة الله كما ذكرتِ.

قال تعالى: (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا. يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا. إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا. وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا) الفرقان/٦٨ - ٧١.

فالذي نوده منك ونوصيك به هو: الاستمرار على التقرب من الله تعالى بالقيام بالفرائض، وبأداء النوافل، وبطلب العلم، وبالقيام بما تستطيعينه من نوافل الطاعات.

واعلمي أن الله تعالى قد يكون أراد بك خيراً بابتلائك بتلك الأمراض، وذلك حتى ترجعي إليه تعالى بالقربات والعبادات، والمؤمن كل ما يقدره الله تعالى له فهو خير له، إن وهبه الله مالاً وجاهاً ونعماً شكر فكان خيراً له، وإن ابتلاه ربه بالأمراض والفقر صبر فكان خيراً له، وليس هذا إلا للمؤمن.

عَنْ صُهَيْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ) .

رواه مسلم (٢٩٩٩) .

ثانياً:

وأما بخصوص ما ابتلاك الله تعالى به: فاعلمي أنك في حاجة إلى سلوك طريقين لتتخلصي من هذا الابتلاء الذي قدَّره الله تعالى عليكِ:

الأول: البحث عن العلاج المناسب بالأدوية الحسية، سواء من الأعشاب الطبيعية، أو الأدوية الكيميائية غير الضارة، أو الجراحة، أو الأدوية التي ورد الخبر بكون فيها الشفاء، كالعسل، وماء زمزم، والحبة السوداء، وغيرها، وكل هذا داخل في العلاج المباح، وما من داء إلا وله دواء، علمه من علمه، وجهله من جهله، وارجعي في معرفة ذلك إلى الثقات المهرة من أهل الاختصاص.

والثاني: التزام الأدوية الشرعية المعنوية، كالاستغفار، والدعاء، وأذكار الرقية الشرعية.

وتفصيل ذلك بأدلته: في جوابي السؤالين: (٦٩٧٦٦) و (٩٦٩١) .

ومن المهم أن تنظري في جواب السؤال رقم (٧١٢٣٦) ففيه: بيان موقف المؤمن من الابتلاء.

وانظري جواب السؤال رقم (٨٢٨٦٦) ففيه: تجربة مريرة لأخت ضلت الطريق، وإرشادها كيف تعود؟!

وفي نهاية الجواب نحذر الأخوات الفاضلات من استعمال أدوات التجميل، والكريمات، وغيرهما مما يصنع من مواد كيمائية، أو من مواد نجسة، ويكون لها آثار جانبية خطيرة، فليحذرن من الدعايات التي تسوق لهذه المواد، وليكتفين بما يُصنع من مواد طبيعية، أو أعشاب غير ضارة.

ونسأل الله تعالى أن يعجِّل شفاء أختنا الفاضلة، وأن يكتب لها الأجر، وأن ييسر لها الخير حيث كان.

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>