سكن زوجته الأولى مِلك لها وهو واسع فهل يجب على الزوج توفير مثله للثانية؟
[السُّؤَالُ]
ـ[والد ضرتي منحها منزلاً كبيراً، وعندما تزوجني زوجي كانوا يسكنون بهذا المنزل الواسع، ومن التجربة سنتان: وجدتُ أن زوجي يميل للبيت الأول؛ بحكم العشرة بالطبع، ولتعوده على المنزل الواسع الكبير، وحديقة المنزل الغنَّاء، وأنا أسكنني بشقة صغيرة مقفلة لا يوجد بها منفس لي، ولم يتحرج أن يبقى عندها في يومي إلى بعد العشاء بحجة أنه غير مستعد ليحبس نفسه بشقة معي، الأمر الذي أثَّر كثيراً على نفسيتي، وطبعاً ما تحتاجه الفيلا أكثر بكثير من الشقة، وإن طلبت شيئاً: قال: معنى هذا لابد أحضر للاثنتين، فتلغى أشياء كثيرة أحتاجها، وهي لها كماليات، وحاليّاً أنا ببلد بعيدة عنه لظرف، فطلبت منه استئجار دور لي، خصوصاً أنه مدير بمكان كبير، ووظيفته مرموقة، وجميع أهله بفلل، وأجد أطفالي يندهشون عندما يدخلون الفلل من حولهم، وخفت أن تصبح الشقة لهم كحبس فيكرهون بيتنا أكثر، ويتعلقون بمنزل ضرتي، وطلبت منه دوراً، وهو عبارة عن ٤ أو ٥ غرف، وله حديقة، مع أن راتب زوجي أكثر من ٢٠٠٠٠ ريال، ولكنه يقول: هذا تصعيب عليَّ، وأنا ملتزم بأقساط لسيارات أولاده من الأولى، ما الحكم؟ هل يحق لي سكن أراه مريحاً وهو بطاقته ومستوى من حولنا، أم شقة؟ مع العلم عندي بالبيت طفلان منه، وصغر الشقة يمنعه من استقبال أحد بها، فأراني أبتعد أكثر عن الحياة الاجتماعية.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
أوجب الله تعالى على الزوج المعدد العدل بين نسائه في النفقة، والمبيت، والكسوة، وقد بينا هذا بتفصيل في جواب السؤال رقم: (١٠٠٩١) فلينظر.
ثانياً:
اتساع بيت الزوجة الأولى ليس بعذر للزوج لقضاء وقت الزوجة الأخرى فيه، بل يحرم عليه فعل ذلك، ولا يحل له الدخول في نهار الزوجة الثانية على الأولى إلا لحاجة، ولا يحل له الدخول في ليلتها على ضرتها إلا لضرورة، وقد ذكرنا هذا الحكم في جواب السؤال رقم: (١٠٦٥١٣) فلينظر.
ثالثاً:
من العدل الواجب على الزوج العدل في السكنى، فلا يحل له إسكان زوجة في فيلا، والأخرى في شقة صغيرة، وهذا التفاوت بين السكنين مما يُدخله في الظلم المحرَّم.
أما إذا كان الزوج يسكن في بيت إحدى زوجتيه، وكان واسعاً فسيحاً: فلا يلزمه أن يجعل مثله لزوجته الأخرى؛ لأن السكن ليس له، وهذا ليس من الظلم، وليس واجباً عليه إسكان الأخرى بمثل سكن الأولى.
وإن كان الزوج قادراً، وقد أنعم الله عليه بالمال: فلا ينبغي له أن يضيِّق على الأخرى بإسكانها في شقة صغيرة، هو نفسه لا يطيق البقاء فيها، وليعلم أنها زوجته، وأولادها هم أولاده، وهو سكنه الذي يأوي إليه، ومن السعادة في حياة المرء اتساع البيت، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أحمد (١٥٤٠٩) عَنْ نَافِعِ بْنِ عَبْدِ الْحَارِثِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مِنْ سَعَادَةِ الْمَرْءِ: الْجَارُ الصَّالِحُ، وَالْمَرْكَبُ الْهَنِيءُ، وَالْمَسْكَنُ الْوَاسِعُ) وصححه الألباني في " صحيح الجامع " (٣٠٢٩) .
والواجب عليه في تقدير النفقة والكسوة والمسكن: أن يكون لائقا بمثل حاله؛ قال الله تعالى:
(لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً) الطلاق/٧
فعلى الزوج أن يسعى في إسعاد نفسه، وزوجته، وأولاده بتوفير مسكن ملائم، وفسيح، لزوجته الأخرى، وقد أنعم الله تعالى عليه بالمال، وإن الله يُحب أن يرى أثر نعمته على عبده، كما صحَّ بذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأيضاً: ينبغي عليه أن يراعي حال أولاده، فلا يشعر أولاد الزوجتين بذلك التفاوت الكبير بنيهم، وهم إخوة لأب واحد.
فلينتبه هذا الزوج الكريم إلى أن يبقى أبناؤه ـ دائما ـ إخوة لأب واحد، متحابين، وإن كانت أمهاتهم شتى، وليحذر أن يغرس العداوة والتحاسد والتدابر في قلوبهم.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب