شاب من أهل الاستقامة مقبل على الزواج ويرغب بنصائح
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب، وموظف في نفس الوقت، وأبلغ من العمر ٢١ عاماً , ولله الحمد، محافظ على صلاتي، وملتزم بأخلاقي، وديني , ومقبل على الزواج، فماذا تنصحونني، بارك الله فيكم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أخي السائل
جزاك الله خيراً، وبارك فيك , وزادك توفيقاً، وعلماً، وأدباً , ونبشرك بهذا الفضل العظيم الوارد في هذا الحديث، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَاّ ظِلُّهُ - وذكر منهم: - وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ ... ) رواه البخاري (٦٢٩) ومسلم (١٠٣١) .
وأما ما نود قوله لك، ونصحك به: فأمور متعددة:
١. الزواج – أخي السائل - راحة، وطمأنينة، وسكينة، وهو خير متاع الدنيا، وفيه من ذلك ما جعله الله آية للناس، قال الله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الروم/٢١.
وهو من أسباب سعادة المرء، كما جاء في الحديث عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مِنْ سَعَادَةِ ابْنِ آدَمَ ثَلَاثَةٌ، وَمِنْ شِقْوَةِ ابْنِ آدَمَ ثَلَاثَةٌ، مِنْ سَعَادَةِ ابْنِ آدَمَ: الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ، وَالْمَسْكَنُ الصَّالِحُ، وَالْمَرْكَبُ الصَّالِحُ، وَمِنْ شِقْوَةِ ابْنِ آدَمَ: الْمَرْأَةُ السُّوءُ، وَالْمَسْكَنُ السُّوءُ، وَالْمَرْكَبُ السُّوءُ) رواه أحمد (١/١٦٨) ، وصححه الألباني رحمه الله في "صحيح الترغيب" (٢/١٩٢) .
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الدُّنْيَا مَتَاعٌ، وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ) رواه مسلم (١٤٦٧) .
٢. الزواج مكمل لدين المرء، كما جاء في الحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مَن رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه الله على شطر دينه، فليتق الله في الشطر الثاني) رواه الطبراني في "الأوسط" (١/٢٩٤) والحاكم في "مستدركه" (٢/١٧٥) .
وفي رواية: (إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف الدِّين فليتق الله فيما بقي) .
وانظر "السلسلة الصحيحة" (٦٢٥) .
ومعنى الحديث: أن الزواج يعف المرء عن الزنا، وبذا يكون أغلق على نفسه باباً من بابي الذنوب، وهو باب الفرج، وقد بقي الباب الآخر، وهو اللسان، فالحديث يُذَكِّره بنعمة ربه تعالى عليه باستكمال الشطر الأول، ويأمره بتقوى الله في الشطر الآخر.
وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين الفرج واللسان، في أحاديث كثيرة، ومنها فهم العلماء هذا الحديث، ومنها: حديث سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ تَوَكَّلَ لِي مَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ وَمَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ تَوَكَّلْتُ لَهُ بِالْجَنَّةِ) رواه البخاري (٦١٠٩) .
(ما بين لَحييه) لسانه، ولَحييه مثنى "لَحي"، وهو العظم في جانب الفم.
(ما بين رجليه) فرجه.
لذا؛ فاعلم عظيم نعمة الله تعالى عليك أن وفقك للزواج والعفة، واتق الله تعالى في لسانك، فاحفظه عن الغيبة، والنميمة، والشتم، واللعن، واستعمله فيما يقربك من الله تعالى، بقراءة كتابه، وبالتسبيح، والأدعية، والأذكار.
٣. حتى تتم سعادتك بالزواج على أتم وجه: فلا بد من الاقتداء بهدي النبي صلى الله عليه وسلم قبل الزواج , وعند هـ وبعده.
أ. أما قبل الزواج: فأن تحرص على اختيار ذات الدِّين , كما جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تُنكَحُ المرأةُ لأربَعٍ: لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظفَر بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَت يَدَاكَ) رواه البخاري (٤٨٠٢) ومسلم (١٤٦٦) .
ولمعرفة صفات المرأة ذات الدِّين: انظر جواب السؤال رقم: (٩٦٥٨٤) .
ولا بأس أن تكون على قدر من الجمال، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَيُّ النِّسَاءِ خَيرٌ؟ قال: (التِي تَسُرُّهُ إِذَا نَظَرَ إِليهَا، وَتُطِيعُهُ إِذَا أَمَر، وَلا تُخَالِفُهُ فِي نَفسِهَا وَلا فِي مَالِهِ بِمَا يَكرَهُ) رواه أحمد (٢/٢٥١) ، وحسَّنه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (١٨٣٨) .
وجاء في "شرح منتهى الإرادات" - من كتب الحنابلة - (٢/٦٢١) : "ويسنُّ أيضاً: تَخَيُّرُ الجميلة؛ لأنه أسكن لنفسه، وأغض لبصره، وأكمل لمودته؛ ولذلك شرع النظر قبل النكاح".
وانظر جواب السؤال رقم: (٨٣٧٧٧) .
وأن تكون ودوداً ولوداً كما جاء في الحديث عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رضي الله عنه قَالَ: قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الأُمَمَ) رواه أبو داود (٢٠٥٠) والنسائي (٣٢٢٧) وصححه الألباني في "سنن أبو داود".
وانظر شرح هذا الحديث في جواب السؤال رقم: (٣٢٦٦٨) .
ب. وأما عند الزواج – ليلة العرس -: فعليك أن تحرص على أن تبتدئ حياتك الزوجية بغير معصية ربك تعالى، فتحذر من منكرات الأعراس التي انتشرت عند كثير من المتزوجين , كاستخدام المعازف، وآلات اللهو , واختلاط الرجال بالنساء , والمبالغة والإسراف في تكاليف العرس.
وأن تتحرى هدي النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الليلة، من ملاطفة الزوجة قبل الدخول , ووضع اليد على رأس الزوجة والدعاء لها، وغيرها من الآداب الجليلة.
وللوقوف على جملة من الآداب المتعلقة بالزواج: انظر كتاب الشيخ الألباني رحمه الله " آداب الزفاف ".
ج. وأما بعد الزواج: فأن تحرص على الإحسان إلى زوجتك والرفق بها , وأداء حقها , وعدم أذيتها , وتعليمها ما تحتاجه من أمر دينها.
فعن عمرو بن الأحوص رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في حجة الوداع: (أَلَا وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٍ عِنْدَكُمْ) رواه الترمذي (١١٦٣) وصححه، وابن ماجه (١٨٥١) وحسنه الألباني في "سنن أبو داود".
وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي) رواه الترمذي (٣٨٩٥) وصححه الألباني في "سنن الترمذي".
وانظر حقوق زوجتك عليك في جواب السؤال رقم: (١٠٦٨٠) .
ونسأل الله سبحانه أن يرزقك الزوجة الصالحة التي تعينك على أمر دينك ودنياك.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب