للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قصة علقمة مع أمه التي غضبت عليه قصة موضوعة

[السُّؤَالُ]

ـ[هناك حديث عن رجل صالح يسمى علقمة والذي كان على فراش الموت ولم ينطق الكلمة، ثم أرسل النبي لأمه التي قالت إنها كانت غاضبة منه؛ لأنه كان يفضل زوجته عليها، ثم جمع النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك الحطب وأخبر أمه بأنه سوف يحرق ابنها أمام عينها، فقالت: يا رسول الله! إنه ابني، ولا يطيق قلبي رؤيتك تحرقه أمامي! فقال النبي: يا أم علقمة: عقاب الله أشد وأبقى، فإذا أردت أن يسامحه الله فسامحيه، والذي نفسي بيده لا تنفعه صلاته وصيامه وزكاته ما دمت غاضبة عليه، فسامحت المرأة ابنها، وبعد بعض الوقت مات بعض أن نطق الشهادتين. ويقول الحديث إن النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك نادي في المهاجرين والأنصار وقال: (إذا قدم أحدكم زوجته على أمه لعنه الله والملائكة والناس أجمعين، فل يقبل الله صدقته أو صالح عمله إلا أن يتوب لله تعالى، وأن يطلب عفو أمه ورضاها، وإن الله يظل غاضبا لغضبها) وقد قيل إن الحديث في " مسند أحمد " ولكنني لا أستطيع أن أجده. فإن كان صحيحا فأرجوا أن تحددوا لي مكانه.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

هذه الحكاية كان الإمام أحمد رحمه الله قد أثبتها في مسنده في بداية جمعه لأحاديث الكتاب، وقد كان الجمع الأول يشتمل على كثير من الأحاديث الضعيفة والمتروكة، ثم بدأ الإمام رحمه الله بتنقية كتابه من هذه الأحاديث، فحذف هذه القصة فيما حذفه.

جاء في " مسند الإمام أحمد " (٣٢/١٥٥) من طبعة مؤسسة الرسالة ما يلي:

" قال أبو عبد الرحمن: وكان في كتاب أبي: حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا فائد بن عبد الرحمن قال: سمعت عبد الله بن أبي أوفى يقول:

(جاء رجل إلى النبي صلي الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إن هاهنا غلاماً قد احتضر؛ يقال له: قل لا إله إلا الله، فلا يستطيع أن يقولها. قال: أليس قد كان يقولها في حياته؟ قال: بلى، قال: فما منعه منها عند موته؟ فذكر الحديث بطوله)

لم يحدث أبي بهذين الحديثين - حديثين من طريق فائد عن ابن أبي أوفى - ضرب عليهما من كتابه؛ لأنه لم يرض حديث فائد بن عبد الرحمن، وكان عنده متروك الحديث " انتهى النقل من " المسند "

وأما بقية الحديث، كما جاءت في المصادر الأخرى التي ذكرته، فهي كالتالي:

قال: (فنهض رسول الله صلي الله عليه وسلم ونهضنا معه حتى أتى الغلام فقال: يا غلام! قل لا إله إلا الله. قال: لا أستطيع أن أقولها، قال: ولم؟ قال: لعقوق والدتي، قال: أحية هي؟ قال: نعم، قال: أرسلوا إليها، فأرسلوا إليها؛ فجاءت، فقال لها صلي الله عليه وسلم: ابنك هو؟ قالت: نعم. قال: أرأيت لو أن ناراً أججت؛ فقيل لك: إن لم تشفعي له قذفناه في هذه النار. قالت: إذن كنت أشفع له، قال: فأشهدي الله، وأشهدينا معك بأنك قد رضيت. قالت: قد رضيت عن ابني، قال: يا غلام! قل لا إله إلا الله. فقال: لا إله إلا الله. فقال صلي الله عليه وسلم: الحمد لله الذي أنقذه من النار)

أخرجه العقيلي في " الضعفاء الكبير " (٣/٤٦١) ، ومن طريقه ابن الجوزي في " الموضوعات " (٣/٨٧) ، وعزاه غير واحد للطبراني، ورواه الخرائطي في " مساوئ الأخلاق " (رقم/٢٥١) ، والبيهقي في " شعب الإيمان " (٦/١٩٧) وفي " دلائل النبوة " (٦/٢٠٥) ، والقزويني في " التدوين في تاريخ قزوين " (٢/٣٦٩)

جميعهم من طريق فائد بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن أبي أوفى.

وهذا إسناد ضعيف جدا بسبب فائد بن عبد الرحمن، قال فيه الإمام أحمد: متروك الحديث. وقال ابن معين: ليس بشيء. وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبى يقول: فائد ذاهب الحديث، لا يكتب حديثه، وأحاديثه عن ابن أبى أوفى بواطيل لا تكاد ترى لها أصلا، كأنه لا يشبه حديث ابن أبى أوفى، ولو أن رجلا حلف أن عامة حديثه كذب لم يحنث. وقال البخاري: منكر الحديث. انظر: " تهذيب التهذيب " (٨/٢٥٦)

وقال ابن حبان:

" كان ممن يروى المناكير عن المشاهير، ويأتي عن ابن أبي أوفى بالمعضلات، لا يجوز الاحتجاج به " انتهى.

" المجروحين " (٢/٢٠٣)

وقال أبو عبد الله الحاكم رحمه الله:

" يروي عن ابن أبي أوفى أحاديث موضوعة " انتهى.

" المدخل إلى الصحيح " (١٥٥)

وذكر ابن الجوزي هذه القصة في " الموضوعات " (٣/٨٧) وقال: " هذا حديث لا يصح " انتهى. كما ذكرها في " الموضوعات كل من: " ابن عراق (٢/٢٩٦) ، والشوكاني (٢٣١) ، والألباني (رقم/٣١٨٣) ، والشيخ سليمان العلوان في رسالته " الإعلام بوجوب التثبت في رواية الحديث " (ص/١٦-١٧)

وانظر: " قصص لا تثبت " للشيخ مشهور حسن سلمان (٣/١٩-٣٩، القصة الحادية والعشرون)

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>