هل يجوز استثمار أموال الزكاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[يتجمع لدى الجمعيات الخيرية أموال الزكاة، وتكون كثيرة جداً، لاسيما في شهر رمضان، فهل يجوز للجمعية أن تقوم باستثمار هذه الأموال، وتكون أرباحها للفقراء والمساكين؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجب صرف الزكاة إلى أهلها المذكورين في قوله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة/٦٠.
فالزكاة حق لهؤلاء الأصناف في مال الأغنياء، فما دام أحد من هذه الأصناف موجوداً، فالواجب أن يدفع حقه إليه، واستثمار أموال الزكاة يؤدي إلى تأخير دفع الزكاة إلى أهلها، أو منع دفعها بالكلية، إذا حصلت خسارة للمشروع وذهب رأس المال.
ولهذا أفتى العلماء المعاصرون بأنه لا يجوز استثمار أموال الزكاة.
فقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: عن حكم استثمار بعض الجمعيات الخيرية لأموال الزكاة.
فأجاب: " وأما استثمارها في شراء العقارات وشبهها فلا أرى ذلك جائزاً؛ لأن الواجب دفع حاجة الفقير المستحق الآن , وأما الفقراء في المستقبل فأمرهم إلى الله " انتهى.
"لقاءات الباب المفتوح" (١/٦٧) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة: عن جمعية خيرية تريد استثمار أموالها.
فأجابوا: " إذا كان المال المذكور في السؤال من الزكاة: فالواجب صرفه في مصارفه الشرعية من حين يصل إلى الجمعية، وأما إن كان من غير الزكاة: فلا مانع من التجارة فيه لمصلحة الجمعية؛ لما في ذلك من زيادة النفع لأهداف الجمعية وللمساهمين فيها " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (٩/٤٠٣، ٤٠٤) .
وسئلوا – أيضاً -:
هل يمكن للهيئة الخيرية الإسلامية العالمية استثمار أموال الزكاة التي قد تودع في المصارف حتى يتم إنفاقها، والتي لن يؤثر استثمارها على ترتيب وتنفيذ إنفاقها في مصارف الزكاة المحددة شرعا، على أن يكون استثمارها في مجالات سائلة، حيث يمكن الحصول عليها عند الحاجة إليها وفي مجالات استثمار مدروسة وموثوقة، ولا نقول مضمونة حتى لا تشوبها حرمة أو شبهة، على أن الهيئة ليست شخصاً بذاته أو أشخاصاً يمثلون أنفسهم، وإنما هي شخصية اعتبارية قائمة بذاتها، والأشخاص فيها يبذلون جهدهم ويجتهدون رأيهم لما فيه خير الإسلام والمسلمين؟
فأجابوا:
" لا يجوز لوكيل الجمعية استثمار أموال الزكاة، وإن الواجب صرفها في مصارفها الشرعية المنصوص عليها بعد التثبت في صرفها في المستحقين لها؛ لأن المقصود منها سد حاجة الفقراء وقضاء دين الغرماء؛ ولأن الاستثمار قد يفوت هذه المصالح أو يؤخرها كثيراً عن المستحقين " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (٩/٤٥٤، ٤٥٥) .
والذين أجازوا استثمار أموال الزكاة اشترطوا: أن يكون ذلك بعد سد حاجة أهل الزكاة الماسة.
فقد جاء في قرارات المجمع الفقهي:
" يجوز من حيث المبدأ توظيف أموال الزكاة في مشاريع استثمارية تنتهي بتمليك أصحاب الاستحقاق للزكاة، أو تكون تابعة للجهة الشرعية المسؤولة عن جمع الزكاة وتوزيعها، على أن تكون بعد تلبية الحاجة الماسة الفورية للمستحقين وتوافر الضمانات الكافية للبعد عن الخسارة " انتهى.
"مجلة المجمع الفقهي".
وهذا الشرط يصعب جداً – بل يتعذر – القول بوجوده، فإن أعداد الفقراء والمساكين والمجاهدين في سبيل الله وأبناء السبيل والمدينين والمؤلفة قلوبهم تقدر بالملايين، فيجب دفع الزكاة إلى هؤلاء ولا يجوز تأخيرها.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب