للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لم يصح حديث أن الرجل يتعلق بالرجل يوم القيامة فيقول: كنت تراني على المنكر ولا تنهاني

[السُّؤَالُ]

ـ[سمعت درسا على قناة فضائية إسلامية سرد فيه الشيخ حديثا لم أتذكره، فيما معناه أنه يوم القيامة يأتي كافر يشكو عبدا كنا نظنه مؤمنا وملتزما كان يمر علينا، ولكن لم يدعنا إلى الإسلام، ولم يعظنا، فيلحق الله تبارك وتعالى هذا العبد المؤمن بهؤلاء الكفار في النار، نعوذ بالله منها. فهل صح حديث عن الرسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا المعنى؟ أرجو أن تدلوني عليه بأسانيده وشروحه]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله من الواجبات المحتمات على الأمة الإسلامية، وقد جاءت الآيات والأحاديث الكثيرة لتدل على هذا المعنى، وتقرر هذا الحكم الشرعي، سبق ذكر أطراف منها في أجوبة عديدة في موقعنا، في جواب السؤال رقم: (١١٤٠٣) ، (٣٨٧٠١) ، (٩٦٦٦٢)

ورغم كثرة الآيات والأحاديث الواردة في فضيلة هذه الشعيرة العظيمة " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " إلا أننا لم نجد فيها ما يصح بخصوص تعلق الناس يوم القيامة بمن ترك الدعوة والنصيحة، ومطالبتهم بأخذ حقهم منه يوم القيامة عقوبة على تقصيره في ذلك، وكل ما وقفنا عليه بهذا الخصوص هو ما ذكره الحافظ أبو السعادات ابن الأثير (٦٠٦هـ) في كتابه " جامع الأصول من أحاديث الرسول " ولم يعزه لأحد، وذكره المنذري (٦٤٣هـ) في كتابه " الترغيب والترهيب " (٣/١٦٤) (حديث رقم/٣٥٠٦) وعزاه لرزين فقال:

" وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (كنا نسمع أن الرجل يتعلق بالرجل يوم القيامة وهو لا يعرفه، فيقول له: ما لك إلي، وما بيني وبينك معرفة؟! فيقول: كنت تراني على الخطإ وعلى المنكر ولا تنهاني) ذكره " رزين " ولم أره " انتهى نقل المنذري.

ورزين هذا قال الذهبي في ترجمته:

" رزين بن معاوية بن عمار، الإمام المحدث الشهير، أبو الحسن العبدري الأندلسي

السرقسطي، صاحب كتاب: " تجريد الصحاح "، جاور بمكة دهرا، حدث عنه: قاضي الحرم أبو المظفر محمد بن علي الطبري، والزاهد أحمد بن محمد بن قدامة والد الشيخ أبي عمر، والحافظ أبو موسى المديني، والحافظ ابن عساكر وقال: كان إمام المالكيين بالحرم.

توفي بمكة في المحرم سنة خمس وثلاثين وخمس مئة وقد شاخ " انتهى.

" سير أعلام النبلاء " (٢٠/٢٠٤-٢٠٥)

وقد بين العلماء أن كتاب رزين المسمى " تجريد الصحاح " مليء بالأحاديث التي لا يعرف مصدرها، ولم يوقف على أصلها، ولا يُدرَى من أين جاء بها.

قال ابن الصلاح في معرض تقرير بدعية صلاة الرغائب:

" ولا تستفاد له صحة – يعني لحديث صلاة الرغائب - مِن ذكر رزين بن معاوية إياه في كتابه في " تجريد الصحاح "، ولا من ذكر صاحب " الإحياء " – يعني الغزالي - له فيه واعتماده عليه، لكثرة ما فيهما من الحديث الضعيف، وإيراد رزين له في مثل كتابه من العجب " انتهى.

نقلا عن " الباعث على إنكار البدع والحوادث " لأبي شامة المقدسي (ص/٤٥)

وقال الذهبي رحمه الله:

" أدخل كتابه زيادات واهية لو تنزه عنها لأجاد " انتهى.

" سير أعلام النبلاء " (٢٠/٢٠٥)

وقال أيضا رحمه الله:

" وله في الكتاب زيادات واهية " انتهى.

" تاريخ الإسلام " (٣٦/٣٧٦)

ويقول ابن تمية رحمه الله:

" ورزين قد ذكر في كتابه أشياء ليست في الصحاح " انتهى.

" منهاج السنة النبوية " (٧/١٥٧) .

ويقول الشوكاني رحمه الله:

" أدخل في كتابه الذي جمع فيه دواوين الإسلام بلايا وموضوعات لا تعرف، ولا يُدرَى من أين جاء بها " انتهى.

" الفوائد المجموعة " (ص/٤٩)

وقال العلامة المعلمي في تعليقه عليه:

" زاد أحاديث ليست فيها – يعني في الصحيحين والموطأ وسنن الترمذي والنسائي وأبي داود - ولا في واحد منها، فإذا كان الواقع هكذا، ومع ذلك لم ينبه في خطبة كتابه أو خاتمته على هذه الزيادات فقد أساء، ومع ذلك فالخطب سهل، فإن أحاديث غير الصحيحين من تلك الكتب ليست كلها صحاحا، فصنيع رزين - وإن أوهم في تلك الزيادات أنها في بعض تلك الكتب - فلم يوهم أنه صحيح ولا حسن. وأحسب أن تلك الأحاديث التي زادها كانت وقعت له بأسانيده، فإنها أحاديث معروفة في الجملة، ومنها حديث صلاة الرغائب ولم يكن رزين من أهل النقد فلم يعرف حال الحديث " انتهى.

وقال اللكنوي رحمه الله:

" قال الشيخ الدهلوي في رسالته: وقد ذكر صاحب جامع الأصول في كتابه حديثا من كتاب رزين، مع أن موضوع ذلك الكتاب جمع أحاديث الكتب الستة المسماة بالصحاح الست، وإذا لم يجد في هذه الكتب حديثا في ذلك أورده من كتاب آخر استيفاء وتكميلا " انتهى.

" الأسرار المرفوعة " (ص/٧٤)

وقال الشيخ الألباني رحمه الله:

" فاعلم أن كتاب رزين هذا جمع فيه بين الأصول الستة: " الصحيحين " و" موطأ مالك " و"سنن أبي داود "، والنسائي، والترمذي، على نمط كتاب ابن الأثير المسمى " جامع الأصول من أحاديث الرسول "، إلا أن في كتاب " التجريد " أحاديث كثيرة لا أصل لها في شيء من هذه الأصول، كما يعلم مما ينقله العلماء عنه مثل المنذري في " الترغيب والترهيب " " انتهى.

" السلسلة الضعيفة " (رقم/٢٠٧)

فالحاصل أن هذا الحديث لا يعرف له أصل.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>