للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حكم قراءة آيات الحرس

[السُّؤَالُ]

ـ[ثبت في ترجمة الإمام ابن قدامة المقدسي - عليه رحمة الله - أنه كان يقرأ بعد كلّ صلاة صبح آيات الحرس وسوراً أخرى، نرجو أن تتكرموا علينا بأن تبينوا لنا الحديث الذي يشير إلى تلك الآيات الكريمات مع ذكر ما تيسر من طرق وألفاظ الحديث إن وُجدَتْ، وإن كان الحديث ضعيفاً هل يدخل في استحباب العمل بالحديث الضعيف حيث إن العلماء اتفقوا على استحباب العمل بالحديث الضعيف؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

تعتمد كثير من الأوراد المصنفة على جمع آيات من القرآن، أو سور مخصوصة، بحسب اجتهاد المصنف.

وقد ذكر السيوطي في "الإتقان" (٢ / ٤٣٤) : أن أغلب ما يذكره المصنفون في خواص القرآن، إنما مستنده تجارب الصالحين.

والتجربة وحدها لا تكفي في إثبات حكم شرعي، وجوبا أو استحبابا، بل لا بد لذلك من مستند شرعي، من الكتاب والسنة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ) . رواه مسلم (١٧١٨) .

قال الشيخ أبو شامة رحمه الله في "الباعث على إنكار البدع والحوادث" (ص ٨٦-٨٧) :

" ابتدع بعضهم جمع آيات السجدات يقرأ بها في ليلة ختم القرآن وصلاة التراويح، ويسبح بالمأمومين في جميعها، وابتدع آخرون سرد جميع ما في القرآن من آيات الدعاء في آخر ركعة من التراويح بعد قراءة سورة الناس، فيطول الركعة الثانية على الأولى، نحوا من تطويله بقراءة الأنعام، مع اختراعه لهذه البدعة، وكذلك الذين يجمعون آيات يخصونها بالقراءة ويسمونها آيات الحرس، ولا أصل لشيء من ذلك فليعلم أن جميع ذلك بدعة، وليس شيء منها من الشريعة، بل هو مما يوهم أنه من الشرع وليس منه " انتهى.

وينظر: "فتاوى اللجنة الدائمة" (٢/٤٨٦) .

ثانيا:

أما ما ورد في ترجمة ابن قدامة من أنه كان إذا صلى الفجر تلا آيات الحرس ويس والواقعة وتبارك، ويقرأ بعد العشاء آيات الحرس.

فليعلم ـ أولا ـ أن ابن قدامة المذكور - في السؤال - ليس هو الفقيه أبا محمد، صاحب المغني، بل هو أخوه أبو عمر محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي.

ينظر: سير أعلام النبلاء (٢٢/٧) ، ذيل طبقات الحنابلة (ص ٢٠٤) .

وهذا الذي كان يفعله أبو عمر رحمه الله، اجتهاد منه، لا تثبت به سنة، ولا يدل على مشروعية شيء، بل هو فعل يحتاج أن يحتج له، ولا يحتج به، كما يقول أهل العلم، وكل أحد يؤخذ منه ويرد عليه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ومع ما هو معروف عن أبي عمر من فضله وعلمه وتقواه وصلاحه، فليس هو بمعصوم، ولعله ظن ذلك سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو أحد من أصحابه، أو أن له اجتهادا في ذلك لا نعلمه.

ورحم الله أبا سليمان الداراني حيث قال: " ربما يقع في قلبي النكتة من نكت القوم أياما فلا أقبل منه إلا بشاهدين عدلين: الكتاب والسنة " انتهى.

"سير أعلام النبلاء" (١٠ / ١٨٣) .

والخلاصة: أن الحجة في ذلك هو ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، من غير أن يكون ذلك سببا في الوقيعة فيمن فعل ذلك من أهل العلم والدين، أو انتقاص أقدارهم.

ولمعرفة حكم تخصيص قراءة آيات معينة لغرض معين: ينظر إجابة السؤال رقم: (١١٥٨٤١) .

ثالثا:

لم يتفق العلماء على جواز العمل بالحديث الضعيف، كما ذكر السائل، بل ذهبت طائفة منهم إلى عدم العمل به مطلقا، حيث إنه لم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما بقي شيء يقرب من الجنة ويباعد من النار إلا وقد بين لكم) رواه الطبراني في "الكبير" (١٦٤٧) ، وصححه الألباني في "الصحيحة" (١٨٠٣) .

وليس من بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث الضعيف الذي لم يثبت عنه ولا يصح، وهو من قسم المردود غير المقبول في اصطلاح أهل الشأن، وفيما صح من الحديث الغنية عما لم يصح.

ثم إن الذين قالوا بالعمل بالضعيف في فضائل الأعمال اشترطوا أن لا يكون شديد الضعف، وأن يندرج تحت أصل معمول به، وألا يعتقد ثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ولمعرفة حكم العمل بالضعيف في فضئل الأعمال: ينظر إجابة السؤال رقم: (٤٤٨٧٧) .

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>