للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حكمة الوضوء من أكل لحم الإبل

[السُّؤَالُ]

ـ[حكمة الوضوء من أكل لحم الإبل السؤال: ما الحكمة من الوضوء من لحم الإبل؟]ـ

[الْجَوَابُ]

ما الحكمة من الوضوء من لحم الإبل؟

الجواب:

الحمد لله:

أولاً:

قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالوضوء من لحم الإبل، ولم يُبيِّن لنا الحكمة , ونحن نعلم أن الله سبحانه حكيم عليم , لا يَشرع لعباده إلا ما فيه الخير والمصلحة لهم في الدنيا والآخرة , ولا ينهاهم إلا عما يضرهم في الدنيا والآخرة.

والواجب على المسلم أن يتقبَّل أوامر الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم ويعمل بها , وإن لم يَعرف عين الحكمة , كما أن عليه أن ينتهي عما نهى الله عنه ورسوله , وإن لم يَعرف عين الحكمة ; لأنه عبدٌ مأمور بطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم , مخلوق لذلك , فعليه الامتثال والتسليم , مع الإيمان بأن الله حكيم عليم , ومتى عَرف الحكمة فذلك خير إلى خير " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (١٠/١٥٧) .

ثانياً:

من أهل العلم من ذهب إلى أن هذا الحكم تعبدي لا تُعلم علته.

قال المرداوي رحمه الله: " الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ الْوُضُوءَ مِنْ لَحْمِ الْإِبِلِ تَعَبُّدِيٌّ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَاب ... وَقِيلَ: هُوَ مُعَلَّلُ" انتهى من " الإنصاف " (١/٣٥٥) .

ومن ذهب إلى أن الحكم معلَّل من العلماء، ذكر لذلك جُملةً من الحِكَم، منها:

١- أن الإبل فيها طبيعة شيطانية، فمن أكلَ منها أَورثه ذلك قوَّةً شيطانيَّةً، فشُرع الوضوء لإذهاب هذه القوة.

فعَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الصَّلَاةِ فِي مَبَارِكِ الْإِبِلِ، فَقَالَ: (لَا تُصَلُّوا فِي مَبَارِكِ الْإِبِلِ، فَإِنَّهَا مِنْ الشَّيَاطِينِ) رواه أبو داود (٤٩٣) وصححه الألباني في " الإرواء " (١٧٦) .

وفي لفظ ابن ماجه: (٧٦٩) : (فَإِنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ الشَّيَاطِينِ) .

وعَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (عَلَى ظَهْرِ كُلِّ بَعِيرٍ شَيْطَانٌ، فَإِذَا رَكِبْتُمُوهَا فَسَمُّوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ..) رواه أحمد (٢٦٦٧) وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (٢٢٧١) .

قال شيخ الإسلام رحمه الله: " أشار صلى الله عليه وسلم في الإبل إلى أنها من الشياطين، يريد والله أعلم أنها من جنس الشياطين ونوعهم، فإنَّ كلَّ عاتٍ متمرِّدٍ شيطانٌ من أي الدواب كان، كالكلب الأسود شيطان، والإبل شياطين الأنعام، كما للإنس شياطين ... فلعلَّ الإنسان إذا أكل لحم الإبل أورثته نفاراً وشماساً وحالاً شبيها بحال الشيطان، والشيطان خُلق من النار، وإنما تُطفئ النَّارُ بالماء، فأُمر بالوضوء من لحومها كسراً لتلك السَّورة، وقمعاً لتلك الحال، وهذا لأنَّ قلبَ الإنسان وخُلقه يتغير بالمطاعم التي يطعمها " انتهى من " شرح عمدة الفقه " (١/١٨٥) .

وقال أيضا: " فإذا توضأ العبد من لحوم الإبل كان في ذلك من إطفاء القوة الشيطانية ما يزيل المفسدة، بخلاف من لم يتوضأ منها، فإن الفساد حاصل معه، ولهذا يقال: إن الأعراب بأكلهم لحوم الإبل مع عدم الوضوء منها صار فيهم من الحقد ما صار " انتهى من "مجموع الفتاوى" (٢٠/٥٢٣) .

وقريب منه في "إعلام الموقعين عن رب العالمين" (٢ /٤٠) لابن القيم رحمه الله.

٢- أن لحم الإِبل شديدُ التَّأثير على الأعصاب، فيُهَيِّجها؛ ولهذا كان الطبُّ الحديث ينهى الإِنسان العصبي من الإِكثار من لحم الإِبل، والوُضُوء يسكِّن الأعصاب ويبرِّدها، كما أمر النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم بالوُضُوء عند الغضب؛ لأجل تسكينه " انتهى من " الشرح الممتع (١/٣٠٨) بتصرف.

وقال الشيخ ابن عثيين رحمه الله: " وسواء كانت هذه هي الحكمة أم لا؛ فإِن الحكمة هي أمر النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم، لكن إِن علمنا الحكمة فهذا فَضْلٌ من الله وزيادة علم، وإن لم نعلم فعلينا التَّسليم والانقياد " انتهى.

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>