للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لا يقال عن أحد إنه خليفة الله

[السُّؤَالُ]

ـ[قرأت في بعض الكتب عبارة: (وأنتم أيها المسلمون خلفاء الله في أرضه) فما حكم هذه العبارة؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

"هذا التعبير غير صحيح من جهة معناه؛ لأن الله تعالى هو الخالق لكل شيء , المالك له , ولم يغب عن خلقه وملكه , حتى يتخذ خليفة عنه في أرضه , وإنما يجعل الله بعض الناس خلفاء لبعض في الأرض , فكلما هلك فرد أو جماعة أو أمة جعل غيرها خليفة منها يخلفها في عمارة الأرض , كما قال تعالى: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ) . وقال تعالى: (قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ) . وقال: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً) . أي: نوعا من الخلق يخلف من كان قبلهم من مخلوقاته" اهـ

من "فتاوى اللجنة الدائمة" (١/٣٣) .

وقال النووي رحمه الله في كتابه "الأذكار":

بابٌ في ألفاظٍ يُكرهُ استعمالُها.

ينبغي أن لا يُقال للقائم بأمر المسلمين خليفة الله، بل يُقال الخليفة، وخليفةُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وأميرُ المؤمنين. . .

وعن ابن أبي مُليكة أن رجلاً قال لأبي بكر الصديق رضي الله عنه: يا خليفة الله! فقال: أنا خليفة محمد صلى الله عليه وسلم، وأنا راضٍ بذلك.

وقال رجلٌ لعمرَ بن الخطاب رضي الله عنه: يا خليفة الله! فقال: ويلَك لقد تناولتَ تناولاً بعيداً، إن أُمّي سمّتني عمر، فلو دعوتني بهذا الاسم قبلتُ، ثم كَبِرتُ فكُنِّيتُ أبا حفص، فلو دعوتني به قبلتُ، ثم وليتموني أمورَكم فسمَّيتُوني أمَير المؤمنين، فلو دعوتني بذاك كفاك.

وذكر الإِمام أقضى القضاة أبو الحسن الماوردي البصري الفقيه الشافعي في كتابه "الأحكام السلطانية" أن الإِمامَ سُمِّيَ خليفةً؛ لأنه خلفَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في أُمته، قال: فيجوز أن يُقال الخليفة على الإِطلاق، ويجوز خليفة رسول الله.

قال: واختلفوا في جواز قولنا خليفة الله، فجوّزه بعضُهم لقيامه بحقوقه في خلقه، ولقوله تعالى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ في الأرْضِ) فاطر / ٣٩. وامتنع جمهورُ العلماء من ذلك ونسبُوا قائلَه إلى الفجور، هذا كلام الماوردي. انتهى كلام النووي رحمه الله.

والله تعالى أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>