للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يسافر للدراسة ويرجع في نهاية الأسبوع فهل يقصر الصلاة؟

[السُّؤَالُ]

ـ[أسافر من مدينتي إلى مدينة أخرى لحضور برنامج تدريبي كجزء من إكمال دراستي، ويستغرق هذا التدريب ٦ أشهر، ٥ أيام في الأسبوع، أعود بعدها إلى مدينتي لقضاء الإجازة الأسبوعية، وقد كنت أقصر الصلاة طوال الشهرين الماضيين، فهل أكمل قصر الصلاة باقي المدة؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

إذا كانت المسافة بين مدينتك والمدينة التي ستسافر إليها تبلغ ٨٠ كيلو فأكثر، فإنك تقصر الصلاة في سفرك إليها، وأثناء عودتك منها.

وإذا وصلت المدينة وفي نيتك أن تقيم فيها أكثر من أربعة أيام فإنك تتم الصلاة من لحظة دخولك عند جمهور العلماء.

قال ابن قدامة رحمه الله: " (وإذا نوى المسافر الإقامة في بلد أكثر من إحدى وعشرين صلاة: أتم) المشهور عن أحمد رحمه الله أن المدة التي تلزم المسافر الإتمام بنية الإقامة فيها، هي ما كان أكثر من إحدى وعشرين صلاة. رواه الأثرم والمروذي وغيرهما، وعنه (يعني الإمام أحمد) : أنه إذا نوى إقامة أربعة أيام أتم، وإن نوى دونها قصر، وهذا قول مالك والشافعي وأبي ثور " انتهى من "المغني" (٢/٦٥) .

وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (٨/٩٩) : " السفر الذي يشرع فيه الترخيص برخص السفر هو ما اعتبر سفراً عرفاً، ومقداره على سبيل التقريب مسافة ثمانين كيلو متراً، فمن سافر لقطع هذه المسافة فأكثر فله أن يترخص برخص السفر من المسح على الخفين ثلاثة أيام بلياليهن، والجمع والقصر، والفطر في رمضان. وهذا المسافر إذا نوى الإقامة ببلد أكثر من أربعة أيام فإنه لا يترخص برخص السفر، وإذا نوى الإقامة أربعة أيام فما دونها فإنه يترخص برخص السفر. والمسافر الذي يقيم ببلد ولكنه لا يدري متى تنقضي حاجته ولم يحدد زمناً معيناً للإقامة فإنه يترخص برخص السفر ولو طالت المدة، ولا فرق بين السفر في البر والبحر " انتهى.

وجاء فيها أيضاً (٨/١٠٩) : " الأصل أن المسافر بالفعل هو الذي يرخص له في قصر الرباعية؛ لقوله تعالى: (وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة) الآية، ولقول يعلى بن أمية: قلت لعمر بن الخطاب رضي الله عنهما: (ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا) فقال: عجبت مما عجبت منه، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (هي صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته) رواه مسلم.

ويعتبر في حكم المسافر بالفعل من أقام أربعة أيام بلياليها فأقل، لما ثبت من حديث جابر وابن عباس رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم مكة لصبح رابعة من ذي الحجة في حجة الوداع، فأقام صلى الله عليه وسلم اليوم الرابع والخامس والسادس والسابع، وصلى الفجر بالأبطح اليوم الثامن، فكان يقصر الصلاة في هذه الأيام، وقد أجمع النية على إقامتها كما هو معلوم، فكل من كان مسافراً ونوى أن يقيم مدة مثل المدة التي أقامها النبي صلى الله عليه وسلم أو أقل منها قصر الصلاة، ومن نوى الإقامة أكثر من ذلك أتم الصلاة؛ لأنه ليس في حكم المسافر.

أما من أقام في سفره أكثر من أربعة أيام ولم يُجمع النية على الإقامة، بل عزم على أنه متى قضيت حاجته رجع؛ كمن يقيم بمكان الجهاد للعدو، أو حبسه سلطان أو مرض مثلاً، وفي نيته أنه إذا انتهى من جهاده بنصر أو صلح أو تخلص مما حبسه من مرض أو قوة عدو أو سلطان أو وجود آبق أو بيع بضاعة أو نحو ذلك - فإنه يعتبر مسافراً، وله قصر الصلاة الرباعية، ولو طالت المدة؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أقام بمكة عام الفتح تسعة عشر يوماً يقصر الصلاة، وأقام بتبوك عشرين يوماً لجهاد النصارى، وهو يصلي بأصحابه صلاة قصر، لكونه لم يجمع نية الإقامة بل كان على نية السفر إذا قضيت حاجته " انتهى.

وعلى هذا؛ فما دمت تنوي الإقامة أكثر من أربعة أيام فإنك تتم الصلاة إذا وصلت إلى تلك المدينة، أما أثناء سفرك في الطريق ذهاباً وإياباً فإنك تقصر الصلاة.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>